الحلقة الثامنة من فوائد الذكر
الفوائد من 37-40
الفائدة السابعة والثلاثون:
أن الذكر رأس الأصول وطريق عامة الطائفة ومنشور الولاية ؛ فمن فُتِحَ له فيه فقد فُتِحَ له باب الدخول على الله عز وجل، فليتطهر وليدخل على ربه عز وجل يجد عنده كل ما يريد ، فإن وجد ربه عز وجل وجد كل شئ ، وإن فاته ربه عز وجل فاته كل شئ.
الفائدة الثامنة والثلاثون :
في القلب خلة وفاقة لا يسدها شئ البته إلا ذكر الله عز وجل.
فإذا صار الذكر شعار القلب بحيث يكون القلب هو الذاكر بطريق الأصالة واللسان تبع له فهذا هو الذكر الذي يسد الخله ويفني الفاقة ، فيكون صاحبه غنيا بلا مال عزيزا بلا عشيرة مهيبا بلا سلطان ، فإذا كان غافلا عن ذكر الله عز وجل فهو بضد ذلك : فقيرٌ مع كثرة جِدَتِه ، ذليلٌ مع سلطانه ، حقيرٌ مع كثرة عشيرته.
الفائدة التاسعة والثلاثون :
أن الذكر يجمع المتفرق و يفرق المجتمع ويقرب البعيد ويبعد القريب
* فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته وهمومه وعزومه ، والعذاب كل العذاب في تفرقها وتشتتها عليه وانفراطها له ، والحياة والنعيم في اجتماع قلبه وهمه وعزمه وإرادته ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم والغموم والأحزان والحسرات على فوت حظوظه ومطالبه.
* ويفرق أيضا ما اجتمع عليه من ذنوبه وخطاياه وأوزاره حتى تتساقط عنه وتتلاشى وتضمحل ، ويفرق أيضا ما اجتمع على حربه من جند الشيطان فان إبليس لا يزال يبعث له سرية ، وكلما كان أقوى طلبا لله سبحانه وتعالى وأمثلَ تعلقا به وإرادة له كانت السرية أكثف وأكثر وأعظم شوكة بحسب ما عند العبد من مواد الخير والإرادة ، ولا سبيل إلى تفريق هذا الجمع إلا بدوام الذكر الفائدة
* وأما تقريبه البعيد فانه يقرب إليه الآخرة التي يبعدها منه الشيطان والأمل فلا يزال يلهج بالذكر حتى كأنه قد دخلها وحضرها فحينئذ تصغر في عينه الدنيا وتعظم في قلبه الآخرة
* ويبعد القريب إليه وهي الدنيا التي هي أدنى إليه من الآخرة فإن الآخرة متى قربت من قلبه بعدت منه الدنيا - كلما قربت منه هذه مرحلة بعدت منه هذه مرحلة - ولا سبيل إلى هذا إلا بدوام الذكر
الفائدة الأربعون :
أن الذكر ينبه القلب من نومه ويوقظه من سِنَتِهِ ، والقلب إذا كان نائما فاتته الأرباح والمتاجر وكان الغالب عليه الخسران ، فإدا استيقظ وعلم ما فاته في نومته شد المئزر وأحيا بقية عمره واستدرك ما فاته ، ولا تحصل يقظته إلا بالذكر فإن الغفلة نوم ثقيل.