هذه أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المربي الناجح
للحصول على الذرية الصالحة ، التي نسأل الله أن لايحرمكم منها
أهم صفات المربي الناجح:
كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- شخصا مربيا فذا بكل ما تعني هذه الكلمة من أبعاد فالمربي الناجح هو الإنسان الذي يقوم عن عمد وقصد برعاية فرد أو أفراد لينمو بين يديه في حياة ناجحة ويرتقي مفهوم المربي لمن يرعى جماعة بشرية كبرى يقوم بتوجيهها وتنشئتها ليضمن لهم حياة نامية ، وبهذا المعيار التربوي السليم فإن الرسول-صلى الله عليه وسلم- هو المربي العظيم الذي يجب أن نقتدي به ، لابد لمن يباشر عملية التربية أن يتصف بمجموعة من الصفات ، وهو من خلال هذه الصفات ينفذ إلى المربَّى ، حتى إذا ما ابتعد هذه الصفات عنه أخفقت عملية التربية إخفاقا ذريعا، ومن أهم هذه الصفات:
أولا :الرحمة:
هذه الصفة يجب توفرها في كل مرب ، فان القاسي القلب لا يصلح لان يكون مربيا ، لان هذه الرحمة التي هي حركة قلبية وعطف وتألم نفسي وإحساس مرهف ومواساة وجدانية هي العصب الحساس الذي يدفع المربي ذاتيا وعن رغبته للتخفيف عن شخص الذي يربيه ومن مظاهر رحمة رسول الله-صلى الله عليه وسلم-انه كان يتجوز في صلاته عندما يسمع بكاء صبي في مؤخرة الصفوف رحمة بأمه التي تتألم لبكائه ، ورأينا انه عليه الصلاة والسلام قد ناله أذى المشركين في مكة وفي الطائف ما ناله ، ولما حضره ملك الجبال ليأمره رسول الله بأمره من إهلاك ثقيف الذين استخفوا به وآذوه تحركت الرحمة التي ملأت نفس الرسول المربي ، واستبدل العقوبة بالدعاء لهم : لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبد الله تعالى . وقال أنس بن مالك: ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله. -1-
ثانيا: العدل:
وقد كان السلف خير أسوة في العدل بين أولادهم.
والعدل مطلوبٌ في المعاملة والعقوبة والنفقة والهِبَة والملاعبة والقُبَل ، والصدقة ولا يجوز تمييز أحد الأولاد بعطاء لحديث النعَمان المشهور. عن النعمان بن بشير قال: " تصدق عليّ أبي ببعض ماله" فقالت أمي عمرة بنت رواحه لا أرضى حتى تشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فانطلق أبي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- ليشهده على صدقتي فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ( أفعلت هذا بولدك كلهم ) قال :لا قال اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) فرجع أبي فرد تلك الصدقة .
ولا يعني العدل تطابق أساليب المعاملة، بل يتميز الصغير والطفل العاجز أو المريض ، وذلك لحاجتهما إلى العناية. وكذلك الولد الذي يغيب عن الوالدين بعض أيام الأسبوع للدراسة أو العمل أو العلاج، ولابد أن يبيّن الوالدان لبقية الأولاد سبب تمييز المعاملة بلطف وإشفاق، وهذا التميز ليس بدرجة الكبيرة ولكن فرق يسير بين معاملة هؤلاء ومعاملة البقية، وهذا الفرق اليسير يتسامح الإخوة به ويتجاوزون عنه.
ومما يزرع الكراهية في نفوس الإخوة تلك المقارنات التي تُعقد بينهم، فيُمدح هذا ويُذم هذا، وقد يقال ذلك عند الأصدقاء والأقارب فيحزن الولد المذموم ويكره أخاه.
والعدل ليس في الظاهر فقط، فإن بعض الناس يعطي هذا خفية عن إخوته وهذا الاستخفاء يعلِّمُ الطفل الأنانية والتآمر. -2-
ثالثا:الصبر :
الصبر زاد كل مرب ، والمربي الذي لا يتمتع بالصبر كالمسافر الذي بغير زاد ، فإما أن يهلك أو أن يرجع . فقد يساء فهم أو تفسير مقصد المربي ، فعليه أن يصبر حتى تتضح الأمور ، وقد يبذل المربي جهدا كبيرا ثم لا يرى نتائج مرضية ، فعليه أن يصبر لان طبيعة التربية أنها لا تأتى ثمارها عاجلة
وقد يحارب المربي ويؤذى ، فعليه أن يصبر ، لأنَّ هذا الصَّبر ، هو عدة التغيير الذي يبتغيه . ونحن
ــــــــــــــــــــ
-1- أساليب الرسول –صلى الله عليه وسلم –في الدعوة والتربية –يوسف خاطر حسن الصوري- ص15
-2- تربية الطفل في الإسلام – سيما راتب عدنان أبو الرموز – ص 40
ـــــــــــــــــــ
إذا رجعنا إلى سيرة المربي الأعظم -عليه الصلاة والسلام- نرى أنه –عليه الصلاة والسلام – كان العلم المرفوع في
الصبر، صبر على أذى قومه له في بدنه، وعلى أذاهم له في نفسه، حتى اتضحت لهم الأمور، وتبين لهم نبل مقصده، فانقلب بغضهم له إلى حب وأذاهم إلى إيثار.
رابعا: الفطانة :
لا بد للمربي أن يكون ذكيا فطنا، يلاحظ أدق الأمور في المربي، فان كانت خيرة انتقى أفضل الطرق بالنسبة للمربي لتنميتها ، وان كانت شريرة اختار أضل الطرق لمعالجتها ، ويلاحظ ما يناسب المربي وما لا يناسبه ، ويعرف خلجات نفسه من قسمات وجهه ويدرك الفروق الفردية الدقيقة بين الناس ، لان مهمته أن يتسلل داخل النفس من خلال هذه الفروق ، أو يستغلها لتوجيه كل فرد ما يفلح فيه .
ورسول الله –صلى الله عليه وسلم –رسولا من عند الله ، وقد غرس الله تعالى صفة الفطانة في أصل فطرته واتفق جميع المحللين لشخصية الرسول –صلى الله عليه وسلم –من علماء العقيدة أن الرسول بخاصة وجميع الرسل بعامة متصفون بالفطانة .
خامسا:التواضع:
لا بد للمربي أن يكون متواضعا لمن يربيه ، لان تعاليه عليه يزيد في الهوة بينهما ، وإذا زادت الهوة انعدم التأثير .
ورسول الله سيد المرسلين كان أكثرهم تواضعا ، حتى أدى تواضعه إلى انه مر بصبيان فسلم عليهم ، والى أن كانت الأمة من إماء المدينة لتأخذ بيد رسول الله فتنطلق به حيث شاءت ، والى ان كان إذا استقبله الرجل فصافحة فلا ينزع يده من يده ، حتى يكون الرجل ينزع يده ، ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه. -1-
سادسا: الصلاح
فإن لصلاح الآباء والأمهات أثر بالغ في نشأة الأطفال على الخير والهداية – بإذن الله – وقد قال سبحانه: ( وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا ) الكهف 82، وفيه دليل على أن الرجل الصالح يُحْفَظ في ذريته، وتشمل بركة عبادته لهم في الدنيا والآخرة، بشفاعته فيهم، ورفع درجتهم إلى درجته في الجنة لتقر عينه كما جاء في القرآن ووردت به السنة .
ومن المُشاهَد أن كثيراً من الأسر تتميز بصلاحها من قديم الزمن وإن ضل ولد أو زلَّ فَاءّ إلى الخير بعد مدة؛ لصلاح والديه وكثرة طاعتهما لله. وهذه القاعدة ليست عامة ولكن هذا حال غالب الناس. وقد يظن بعض الناس أن هذا لا أثر له، ويذكرون أمثلة مخالفة لذلك، ليبرروا تقصيرهم وضلالهم.
سابعا: الصدق:
وهو "التزام الحقيقة قولاً وعملاً"، والصادق بعيد عن الرياء في العبادات، والفسق في المعاملات، وإخلاف الوعد وشهادة الزور، وخيانة الأمانات ، ومن مظاهر الصدق ألا يكذب المربي على ولده مهما كان السبب، لأن المربي إذا كان صادقاً اقتدى به أولاده، وإن كان كاذباً ولو مرة واحدة أصبح عمله ونصحه هباء، وعليه الوفاء بالوعد الذي وعده للطفل، فإن لم يستطع فليعتذر إليه .وبعض الأطفال يتعلم الرياء بسبب المربي الذي يتظاهر أمام الناس بحال من الصلاح أو الخلق أو الغنى أو غيرها ثم يكون حاله خلاف ذلك بين أسرته . -2-
ــــــــــــــــــــ
-1- أساليب الرسول –صلى الله عليه وسلم –في الدعوة والتربية –يوسف خاطر حسن الصوري- ص15
-2- تربية الطفل في الإسلام – سيما راتب عدنان أبو الرموز – ص42-43
ــــــــــــــــــــ
ثامنا:الحلم:
لابد للمربي أن يكون واسع الصدر حليما ، لا يثيره الخطأ ، بل ولا الإساءة إليه ، بل يمتصها ثم يلفظها مستهينا بها ، ثم يوجه همه لمعالجة أسباب هذا الخطأ ، ورسول الله قد بلغ به الحلم مبلغا لا يدانيه فيه احد ، فقد روى انس –رضي الله عنه –قال :كنت امشي مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم-وعليه برد بحراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجذبه بردائه جذبة شديدة حتى نظرت إلى صفحة عنق رسول الله قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جذبته ، قم قال : يا محمد مر لي من مال الله عندك وفي رواية : فإنك لا تحمل لي من مالك ولا من مال أبيك فالتفت إليه رسول الله ثم ضحك ، ثم أمر له بعطاء .
تاسعا :العفو والصفح:
لقد كان هذا الحلم من رسول الله –صلى الله عليه وسلم –عند الإساءة إلى شخصه -عليه الصلاة والسلام- يلازمه عفو وصفح عن المسيء لتبدأ معه سيرة جديدة ونحن ان استقرانا حوادث العفو في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لوجدناها أكثر من أن تحصى ، فقع عفا رسول الله على الرجل اليهودي الذي سحره ، وعفا عن المرأة التي دست له السم في ذراع الشاة ، وعفا عن غورث الذي أراد قتله –عليه الصلاة والسلام- وعفا عمن أساء إليه كذلك عن الإعرابي الذي جذبه بردائه حتى أثرت حاشية الرداء في عنقه –صلى الله عليه وسلم- ، وعفا عن الأعرابي الذي أعطاه الرسول شيئا ، ثم سأله -عليه الصلاة والسلام-: أحسنت إليك؟ قال : لا، ولا أجملت ، وعفا عن أهل مكة بعدما آذوه ، وأخرجوه من بلده وحاربوه في كل مكان وقال لهم : لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء .
عاشرا : قوة الشخصية :
ويشترط في المربي أن يكون قوي الشخصية ، غير متهافتا أو متردد ، ليستطيع التأثير في المربى ، وقوة الشخصية تغني عن كثير من العقوبات ، وتردع عن كثير من المخالفات ، وتزرع القناعة في النفس ، وقد كان لرسول الله من قوة الشخصية ما استطاع ان يغرس القناعة في قلوب كثير من أعدائه في أول لقاء له معهم ، وقد ورد في وصفه- عليه الصلاة والسلام -: أن من رآه بديهةً هابَهُ .
الحادي عشر : الاقتناع بالعمل التربوي:
وهي صفة يجب توفرها في المربي، لان التربية عطاء نفسي وروحي، وإذا كان المربي غير مقتنع بالعمل التربوي فانه لا يستطيع أن يقدم هذا العطاء.
وغني عن البيان أن محمدا –صلى الله عليه وسلم –كان مقتنعا بل مؤمنا كل الإيمان بالعمل التربوي ، لان الله تعالى قد طبعه على ذلك ، ولأنه أعده لمهمة الرسالة ولذلك كان-عليه الصلاة والسلام-لا يقدم على بناء النفوس أي عمل آخر . -1-
الثاني عشر: الحِكمة
وهي وضع كل شيء في موضعه، أو بمعنى آخر: تحكيم العقل وضبط الانفعال، ولا يكفي أن يكون قادراً على ضبط الانفعال وإتباع الأساليب التربوية الناجحة فحسب، بل لابد من استقرار المنهج التربوي المتبع بين أفراد البيت من أم وأب وجد وجدة وإخوان وبين البيت والمدرسة والشارع والمسجد وغيرها من الأماكن التي يرتادها؛ لأن التناقض سيعرض الطفل لمشكلات نفسية .وعلى هذا ينبغي تعاون الوالدين واتفاقهما على الأسلوب التربوي المناسب، وإذا حدث أن أمر الأب بأمر لا تراه الأم فعليها أن لا تعترض أو تسفِّه الرجل، بل تطيع وتنقاد ويتم الحوار بينهما سراً لتصحيح خطأ أحد الوالدين دون أن يشعر الطفل بذلك. -2-
ــــــــــــــــــــ
-1- أساليب الرسول –صلى الله عليه وسلم –في الدعوة والتربية –يوسف خاطر حسن الصوري -16-17
-2- تربية الطفل في الإسلام – سيما راتب عدنان أبو الرموز – ص42
ـــــــــــــــــــ
عدل سابقا من قبل زهرة رقية في الأحد يناير 24, 2010 9:44 pm عدل 1 مرات (السبب : تنسيق الموضوع)