البراق .. يحكي لنا عن الإسراء والمعراج
قبل الصواريخ ، وقبل الأقمار الصناعية بأكثر من ألف وربعمائة سنة ؛ كنت أنا .. البراق !
اختلفت الروايات في وصفي وتحديد شكلي ونوعي ، والمهم أنني من صنع الله ، خالق الأرض والسماوات ، سبحانه إنه على كل شيء قدير.
ركبني
الأنبياء – عليهم السلام - ، ولكن لي مع محمدٍ – صلى الله عليه وسلم –
معجزةً فريدةً ، وقصةً كلها حقيقية .. وإن كانت أغرب من الخيال.
كانت قد
مضت اثنتا عشرة سنة منذ نزل الوحي على محمد ، ولقي في هذه السنوات الكثير
من العذاب ، وتوفي عمه أبوطالب ، وتوفيت زوجته خديجة ، وهاجر أصحابه ، ولم
تنجح رحلته إلى ( الطائف ) ولكنه ظل على إيمانه ، يسأل الله العون والصبر.
بعد
هذه السنوات من الأحداث ، حدثت معجزتي مع الرسول – صلى الله عليه وسلم -
.. حدثت رحلة الإسراء والمعراج ، وكانت ليلة السابع والعشرين من شهر رجب.
وفيها
ذهب جبريل – عليه السلام – إلى دار الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، وأتى
به إلى البيت الحرام حيث كنتُ أنتظر ؛ وبعد أن غسل جبريل قلب الرسول من
ماء زمزم ، ملأ قلبه بالحكمة والإيمان ، ثم ركبني الرسول وانطلقنا ، وفي
صحبتنا جبريل – عليه السلام – إلى بيت المقدس في سرعةٍ خاطفة.
وخارج
مكة مررنا بقافلةٍ لقريش ضلت ناقة لها ، فأرشدهم الرسول – صلى الله عليه
وسلم – إلى مكانها ؛ ومررنا بقافلة أخرى نفرت جمالها وكسرت ساق جملٍ منها
، ثم مررنا بقافلةً ثالثة في مقدمتها جمل فوقه كيسان أسودان.
وفي
الطريق رأى محمد – صلى الله عليه وسلم – الكثير ، وكان يسأل وجبريل – عليه
السلام – يُجِيب ؛ فرأى فتاة جميلة في ثياب فاخرة ، نادت : يا محمد ؛ فلم
يلتفت إليها ، وقال له جبريل : هذه الدنيا ، زينت لك ؛ فقال الرسول : لا
حاجة لي في الدنيا.
وعندما وصلنا إلى ( يثرب ) قال جبريل : هذه يثرب .. ستهاجر إليها ، فتسمى ( المدينة المنورة ) ، ويتوفاك الله فيها.
ومررنا
على قومٍ يزرعون ويحصدون ، وبعد الحصاد يعود الزرع كما كان ؛ فسأل الرسول
جبريل : ما هذا؟ ؛ فقال جبريل : هؤلاء هم المجاهدون في سبيل الله ، تضاعف
لهم الحسنة إلى سبعمائة ضعف.
ورأينا مناظر لعذاب تاركي الصلاة والزكاة.
وفجأةً
.. هبت ريحٌ طيبة تحمل رائحة كالعطر ، وسمعنا صوتاً ، فسأل محمد – صلى
الله عليه وسلم - : ما هذا يا جبريل ؟ ؛ فأجاب جبريل : هذا صوت الجنة تقول
:
"
ربِّ آتني ما وعدتني .. فقد كثرت غرفي وحريري ، وذهبي وفضتي ، وأكوابي
وأباريقي ، وعسلي ولبني ومائي .. آتني ياربِّ ما وعدتني به ".
وفي وادٍ
آخر .. شممنا رائحة كريهة ، وسمعنا صوتاً منكراً ، وسأل الرسول – صلى الله
عليه وسلم - : ما هذا يا جبريل ؟ ؛ فأجاب جبريل : هذا صوت جهنم تنادي :
" ربِّ آتني ما وعدتني ، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي واشتد حري .. فآتني ما وعدتني ".
ووصلنا (
القدس ) في لمح البصر ، وأمسك محمد – صلى الله عليه وسلم – بي ـ أنا
البراق ـ وربطني في حلقة في صخرة عالية ، ما زالت قائمةً إلى يومكم هذا ،
وقد بنى المسلمون فوقها قبةً عاليةً .. وتركني الرسول في مكاني ودخل
المسجد الأقصى ، وكان الأنبياء والرسل ينتظرونه فيه .. فصلى بهم إماماً
لهم وهم صفوف من خلفه.
وبعد الصلاة ، قدم جبريل للرسول ( معراجاً ) يصعد فيه إلى السماء .. في رحلةٍ ثانيةٍ سميت .. المعراج.
وقد صعد
الرسول إلى السماء الأولى .. وكان فيها أبونا آدم – عليه السلام - الذي
رحب بالرسول ، وفي السماء الثانية .. قابل سيدنا عيسى بن مريم و يحيى و
زكريا – عليهم السلام - ، وفي السماء الثالثة .. قابل سيدنا يوسف بن يعقوب
– عليهما السلام –، وفي السماء الرابعة .. قابل سيدنا إدريس – عليه السلام
- ، وفي السماء الخامسة .. قابل سيدنا هارون بن عمران – عليه السلام - ،
وفي السماء السادسة .. قابل سيدنا موسى بن عمران – عليه السلام - ، وفي
السماء السابعة قابل سيدنا إبراهيم الخليل – عليه السلام - ؛ وكان كل منهم
يستقبل النبيُّ مُرحِباً قائلاً : مَرحَباً بالنبي الصالح والأخ الصالح.
ثم رفع
الله نبيه إلى ( سدرة المنتهى ) .. إلى الحضرة الإلهية العلية ؛ فسجد
الرسول لله الواحد حمداً وشكراً .. لأنه أوصله إلى مكان لم يصل إليه أحد
غيره من الرسل.
وهنا شرع الله الصلاة على المسلمين ، خمس صلواتٍ في اليوم ، وتكون الكعبة قبلتهم فيها فيتجهون إليها في صلاتهم.
وبعد
ذلك نزل النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الصخرة الشريفة ، وودع الأنبياء
والمرسلين ؛ ثم ركبني ـ أنا البراق ـ مرةً أخرى .. عائداً إلى البيت
الحرام ، وتمت بذلك رحلة الإسراء والمعراج ؛ ثم ودّعتُهُ وذهب إلى بيته.
وفي
اليوم التالي ذهب الرسول إلى الكعبة ، وقص على الناس قصة رحلته .. قصة
الإسراء والمعراج .. فلم يصدقه كفار قريش ، وكان أكثرهم تكذيباً له ( أبو
جهل ) ؛ وقال واحد منهم :
ــ إننا نذهب إلى القدس في شهر كامل ونعود في شهر كامل ، فكيف يذهب محمد ويعود في ليلة واحدة؟!!
وفي هذه
اللحظة وصل ( أبو بكرٍ ) إلى الكعبة ، وجلس قريباً من الرسول ، وسمع من
الكفار ما قاله الرسول عن رحلته ، وسمع منهم تكذيبهم وعدم تصديقهم له ..
وكان الجدال مستمراً بين الكفار وبين الرسول ، وتحدوه في النهاية أن يصف
لهم المسجد الأقصى ، وهم يعرفون أنه لم يزره من قبل ولم يذهب إليه أبداً
.. فبدأ سيدنا محمد الوصف ، وكأن المسجد الأقصى أمامه يراه وينظر إليه ،
فوصفه جزءاً جزءاً بدقةٍ أذهلت الجميع .. فهتف أبو بكرٍ : صدقت يا رسول الله.
وزيادة
على الوصف الدقيق .. أضاف لهم الرسول إثباتاتٍ أخرى ؛ فحدثهم عن القوافل
التي رآها عند مشارف مكة ، وبعد قليلٍ من الوقت .. عادت هذه القوافل ووصلت
مكة ، وعادت معها الناقة التي كانت ضلت الطريق ، والجمل المكسور الساق ،
والجمل الذي يحمل كيسين أسودين .. تماماً كما أخبرهم الرسول.
عندئذٍ .. ذهِلَ الكفار ولم يجدوا ما يقولونه ، وارتفع صوت أبي بكرٍ يردد :
" صدقت يارسول الله .. صدَّقتُ كل ما قلت "
فقال له النبي الكريم : " أنت الصِّدِّيقُ .. يا أبا بكرٍ ".
ومنذ ذلك اليوم .. يلقب أبو بكرٍ بلقب ( الصِّدِّيق ).
اا
{ سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى
الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ
آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير }
[ سورة الإسراء ـ الآية:1 ]
قبل الصواريخ ، وقبل الأقمار الصناعية بأكثر من ألف وربعمائة سنة ؛ كنت أنا .. البراق !
اختلفت الروايات في وصفي وتحديد شكلي ونوعي ، والمهم أنني من صنع الله ، خالق الأرض والسماوات ، سبحانه إنه على كل شيء قدير.
ركبني
الأنبياء – عليهم السلام - ، ولكن لي مع محمدٍ – صلى الله عليه وسلم –
معجزةً فريدةً ، وقصةً كلها حقيقية .. وإن كانت أغرب من الخيال.
كانت قد
مضت اثنتا عشرة سنة منذ نزل الوحي على محمد ، ولقي في هذه السنوات الكثير
من العذاب ، وتوفي عمه أبوطالب ، وتوفيت زوجته خديجة ، وهاجر أصحابه ، ولم
تنجح رحلته إلى ( الطائف ) ولكنه ظل على إيمانه ، يسأل الله العون والصبر.
بعد
هذه السنوات من الأحداث ، حدثت معجزتي مع الرسول – صلى الله عليه وسلم -
.. حدثت رحلة الإسراء والمعراج ، وكانت ليلة السابع والعشرين من شهر رجب.
وفيها
ذهب جبريل – عليه السلام – إلى دار الرسول – صلى الله عليه وسلم - ، وأتى
به إلى البيت الحرام حيث كنتُ أنتظر ؛ وبعد أن غسل جبريل قلب الرسول من
ماء زمزم ، ملأ قلبه بالحكمة والإيمان ، ثم ركبني الرسول وانطلقنا ، وفي
صحبتنا جبريل – عليه السلام – إلى بيت المقدس في سرعةٍ خاطفة.
وخارج
مكة مررنا بقافلةٍ لقريش ضلت ناقة لها ، فأرشدهم الرسول – صلى الله عليه
وسلم – إلى مكانها ؛ ومررنا بقافلة أخرى نفرت جمالها وكسرت ساق جملٍ منها
، ثم مررنا بقافلةً ثالثة في مقدمتها جمل فوقه كيسان أسودان.
وفي
الطريق رأى محمد – صلى الله عليه وسلم – الكثير ، وكان يسأل وجبريل – عليه
السلام – يُجِيب ؛ فرأى فتاة جميلة في ثياب فاخرة ، نادت : يا محمد ؛ فلم
يلتفت إليها ، وقال له جبريل : هذه الدنيا ، زينت لك ؛ فقال الرسول : لا
حاجة لي في الدنيا.
وعندما وصلنا إلى ( يثرب ) قال جبريل : هذه يثرب .. ستهاجر إليها ، فتسمى ( المدينة المنورة ) ، ويتوفاك الله فيها.
ومررنا
على قومٍ يزرعون ويحصدون ، وبعد الحصاد يعود الزرع كما كان ؛ فسأل الرسول
جبريل : ما هذا؟ ؛ فقال جبريل : هؤلاء هم المجاهدون في سبيل الله ، تضاعف
لهم الحسنة إلى سبعمائة ضعف.
ورأينا مناظر لعذاب تاركي الصلاة والزكاة.
وفجأةً
.. هبت ريحٌ طيبة تحمل رائحة كالعطر ، وسمعنا صوتاً ، فسأل محمد – صلى
الله عليه وسلم - : ما هذا يا جبريل ؟ ؛ فأجاب جبريل : هذا صوت الجنة تقول
:
"
ربِّ آتني ما وعدتني .. فقد كثرت غرفي وحريري ، وذهبي وفضتي ، وأكوابي
وأباريقي ، وعسلي ولبني ومائي .. آتني ياربِّ ما وعدتني به ".
وفي وادٍ
آخر .. شممنا رائحة كريهة ، وسمعنا صوتاً منكراً ، وسأل الرسول – صلى الله
عليه وسلم - : ما هذا يا جبريل ؟ ؛ فأجاب جبريل : هذا صوت جهنم تنادي :
" ربِّ آتني ما وعدتني ، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي واشتد حري .. فآتني ما وعدتني ".
ووصلنا (
القدس ) في لمح البصر ، وأمسك محمد – صلى الله عليه وسلم – بي ـ أنا
البراق ـ وربطني في حلقة في صخرة عالية ، ما زالت قائمةً إلى يومكم هذا ،
وقد بنى المسلمون فوقها قبةً عاليةً .. وتركني الرسول في مكاني ودخل
المسجد الأقصى ، وكان الأنبياء والرسل ينتظرونه فيه .. فصلى بهم إماماً
لهم وهم صفوف من خلفه.
وبعد الصلاة ، قدم جبريل للرسول ( معراجاً ) يصعد فيه إلى السماء .. في رحلةٍ ثانيةٍ سميت .. المعراج.
وقد صعد
الرسول إلى السماء الأولى .. وكان فيها أبونا آدم – عليه السلام - الذي
رحب بالرسول ، وفي السماء الثانية .. قابل سيدنا عيسى بن مريم و يحيى و
زكريا – عليهم السلام - ، وفي السماء الثالثة .. قابل سيدنا يوسف بن يعقوب
– عليهما السلام –، وفي السماء الرابعة .. قابل سيدنا إدريس – عليه السلام
- ، وفي السماء الخامسة .. قابل سيدنا هارون بن عمران – عليه السلام - ،
وفي السماء السادسة .. قابل سيدنا موسى بن عمران – عليه السلام - ، وفي
السماء السابعة قابل سيدنا إبراهيم الخليل – عليه السلام - ؛ وكان كل منهم
يستقبل النبيُّ مُرحِباً قائلاً : مَرحَباً بالنبي الصالح والأخ الصالح.
ثم رفع
الله نبيه إلى ( سدرة المنتهى ) .. إلى الحضرة الإلهية العلية ؛ فسجد
الرسول لله الواحد حمداً وشكراً .. لأنه أوصله إلى مكان لم يصل إليه أحد
غيره من الرسل.
وهنا شرع الله الصلاة على المسلمين ، خمس صلواتٍ في اليوم ، وتكون الكعبة قبلتهم فيها فيتجهون إليها في صلاتهم.
وبعد
ذلك نزل النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى الصخرة الشريفة ، وودع الأنبياء
والمرسلين ؛ ثم ركبني ـ أنا البراق ـ مرةً أخرى .. عائداً إلى البيت
الحرام ، وتمت بذلك رحلة الإسراء والمعراج ؛ ثم ودّعتُهُ وذهب إلى بيته.
وفي
اليوم التالي ذهب الرسول إلى الكعبة ، وقص على الناس قصة رحلته .. قصة
الإسراء والمعراج .. فلم يصدقه كفار قريش ، وكان أكثرهم تكذيباً له ( أبو
جهل ) ؛ وقال واحد منهم :
ــ إننا نذهب إلى القدس في شهر كامل ونعود في شهر كامل ، فكيف يذهب محمد ويعود في ليلة واحدة؟!!
وفي هذه
اللحظة وصل ( أبو بكرٍ ) إلى الكعبة ، وجلس قريباً من الرسول ، وسمع من
الكفار ما قاله الرسول عن رحلته ، وسمع منهم تكذيبهم وعدم تصديقهم له ..
وكان الجدال مستمراً بين الكفار وبين الرسول ، وتحدوه في النهاية أن يصف
لهم المسجد الأقصى ، وهم يعرفون أنه لم يزره من قبل ولم يذهب إليه أبداً
.. فبدأ سيدنا محمد الوصف ، وكأن المسجد الأقصى أمامه يراه وينظر إليه ،
فوصفه جزءاً جزءاً بدقةٍ أذهلت الجميع .. فهتف أبو بكرٍ : صدقت يا رسول الله.
وزيادة
على الوصف الدقيق .. أضاف لهم الرسول إثباتاتٍ أخرى ؛ فحدثهم عن القوافل
التي رآها عند مشارف مكة ، وبعد قليلٍ من الوقت .. عادت هذه القوافل ووصلت
مكة ، وعادت معها الناقة التي كانت ضلت الطريق ، والجمل المكسور الساق ،
والجمل الذي يحمل كيسين أسودين .. تماماً كما أخبرهم الرسول.
عندئذٍ .. ذهِلَ الكفار ولم يجدوا ما يقولونه ، وارتفع صوت أبي بكرٍ يردد :
" صدقت يارسول الله .. صدَّقتُ كل ما قلت "
فقال له النبي الكريم : " أنت الصِّدِّيقُ .. يا أبا بكرٍ ".
ومنذ ذلك اليوم .. يلقب أبو بكرٍ بلقب ( الصِّدِّيق ).
اا
{ سُبْحَانَ
الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى
الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ
آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِير }
[ سورة الإسراء ـ الآية:1 ]