الغيرة: هي ما ركبه الله في عبده من قوة روحية تحمي المحارم والشرفَ والعفاف من كل مجرم وغادر. وأشرف تلك الأغيار ما كانت موجهة لله وكتابه ورسوله دفاعاً وذباً، وحماية لهم من كل كفور أثيم ممن استزلهم الشيطان؛ فتنادوا زرافات ووحداناً؛ للنيل من ذلك المقام الرفيع، وبقدر وفرة المخزون الإيماني في النفوس؛ تكون النَّفْرة للدفاع عن هذا الحمى المبارك، وكم كانت غيرة عباد الله الصالحين مزلزلة عندما سُخِر من النبي - صلى الله عليه وسلم- من قبل أصحاب الرسوم المسيئة؛ لأن الباعث عليها هي المحبة لله ولرسوله ولكتاب ربها؛ فهي غيرةٌ مؤصلة لا تغيرها تقلبات الأحوال ولا تبدل الحاجات؛ لذا هداها الله وباركها..
ما أجمل أن تسكن الغيرة في النفوس بمعناها الشامل؛ فهي إن أُحضرت وفُعِّلت كانت وقايةً للمجتمع من كل أمر يشينه أو ينقص من كرامته، وكانت على هدي من ربها ورسله. إنها إن كانت كذلك كانت ذات أثر حسن على الأفراد والمجتمعات، وخير ما وُجِّهَت له الغيرة بعد ذلك حرمات المسلمين وعوراتهم؛ فصينت عن كل ما يكدِّر صفوها أو يحجب صفاءها.
إن ذوي الغيرة ليخاطرون بالنفس والنفيس من أجل الحفاظ على الشرف الرفيع من الأذى، بل إن الدم ليُراق دونه، وكل ذلك في محلة عالية من الكرامة، «ومن قتل دون أهله فهو شهيد» [رواه الترمذي]، ولو لم يكن في تَرْك الغيرة إلاّ أنها من صفات من لا خلاق له في الدنيا والآخرة من الكفار والمنافقين لكان حريّاً بالمؤمن أن يستمسك بها؛ فخير لك أن تلحق بركاب سعد الغيور على حرماته رضي الله عنه، على أن تلحق بركاب عديم الغيرة عبدِ الله بن أبي بن سلول؛ فالأول قال مقولة حق: "لو رأيت من أهلي ما يريبني لأطيحن بالرأس، ولأضربن بالسيف غير مصفح"، والآخر كان يقدم لضيوفه بعض إمائه. وهكذا الحال في كل زمان ومكان، حيث تكون الغيرة فيه على قدر الإيمان واليقين؛ لذا تلحظون في الجملة أن البلاد التي لا تزال على دين متين ترى من نسائها عفة وحياء وأخذاً برسوم الحشمة والكرامة.
إن الإعلام في بلاد الإسلام أضحى بلا هويةٍ ولا هدف؛ وإن كان من هدف فهو اجتلاب الناس وتوفيرُ أموال المعلنين؛ ولو كان على حساب القيم والأخلاق والعقائد؛ فبعد أن كانت المسلسلاتُ التركيةُ الهابطة تضخ من قناة واحدة، ها هي القنوات الأخرى أخذت بسنن غيرها في نشر هذا الغثاء، وهي ولا ريب مسلسلات انبثقت من مجتمعات عشعشت فيها العلمانية والإباحية.
إن تكالب هذا الإعلام الفاسد على من يشاهدون هذه القنوات التي تُدار بعقول خبيثة، كفيل بتدمير خلايا الغيرة في النفوس الصغار، و اهتزاز تلك المسلمات في النفوس الكبار، ولعلكم رأيتم بعضاً من آثارها المخزية على الناشئة بنين وبنات؛ إذ أضحت تلك الشخوص النكرات أمثولة تُحتذى ويُقتدى بها، وأصبح ذلك الغِرّ المفتون يعقد المقارنات بين مجتمع انحلت عراه، وبين مجتمعه الذي لا يزال يأخذ بأسباب العفة والطهر، فيرى في الأول جنةً وارفةَ الحرية والأنس، وفي الآخر سجناً نكداً، ويرغب لو كان له من الأمر شيء أن يتساوى بأولئك في هذا الانفلات!! ولو أعمل هذا الإنسان عقله للنظر فيما وراء تلك الرسوم التي يرى فيها القدوة والوجهة؛ لرأى دماراً تنعب فيه بوم الخراب؛ فالأسرة قد تشتت شملها، وهجرتها السكينة، وفقدت القوامة التي هي من مرتكزاتها، وتداعت عليها النكبات، وأضحى العقلاء في تلك الديار ينادون بالأخذ بقيم الفطرة، التي هي كفيلة بعودة السكينة إلى تلك المجتمعات بعد أن حُرمت منها، بل إن المرأة هناك تصيح في أشباه الرجال أن يغاروا عليها؛ لتحس بحبه ومودته، وذوو السعادة يتعظون بغيرهم، وأهل الشقاء يتعظون بأنفسهم.
ولا بد أن تدرك أيها القارئ الكريم، أن الغيرة من الفطر التي فُطر الناس عليها، ويعروها ما يعرو مناحي الفطر الأخرى من التغيير والتبديل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه» [رواه البخاري]، فمن كان غارقاً في وَحْل الإباحية والرذيلة في المجتمعات الغربية أو الشرقية، وكان ذا فطرة فإنها كفيلة بصرفه عن هذه الشرور والموبقات، ولكن لكثرة المناظر المخزية والأفكار المردية، غُيّبت تلك الفطر، وأضحت خارج الأطر التي تحفل بها، وساعد من ذلك غياب الباعث عليها عند فتورها وهو الدين القويم، بل إن الأديان في تلك البقاع، وهي ولا ريب أديان محرفة تفتل في الغارب بنسجها القصص المكذوبة عن الأنبياء، وتصويرها لهؤلاء الكرام من أنبياء الله بصورة المتهالكين على الجنس، بل بلغت بهم الوقاحة أن جعلوا هؤلاء الأنبياء متسامحين في التعاطي معه حتى مع بناتهم!!
وصفوة الكلام أن الغيرة منها ما هو محمود، ومنها ما هو مذموم وممقوت؛ فما كان منها عن ريبة، فهو المحمود، وما كان عن غير ريبة، فهو المذموم، وقد أرشد لذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فعن جابر بن عتيك رضي الله عنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: «من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة» [رواه أبو داود].
د. سعد الدريهم مع الحذف
ما أجمل أن تسكن الغيرة في النفوس بمعناها الشامل؛ فهي إن أُحضرت وفُعِّلت كانت وقايةً للمجتمع من كل أمر يشينه أو ينقص من كرامته، وكانت على هدي من ربها ورسله. إنها إن كانت كذلك كانت ذات أثر حسن على الأفراد والمجتمعات، وخير ما وُجِّهَت له الغيرة بعد ذلك حرمات المسلمين وعوراتهم؛ فصينت عن كل ما يكدِّر صفوها أو يحجب صفاءها.
إن ذوي الغيرة ليخاطرون بالنفس والنفيس من أجل الحفاظ على الشرف الرفيع من الأذى، بل إن الدم ليُراق دونه، وكل ذلك في محلة عالية من الكرامة، «ومن قتل دون أهله فهو شهيد» [رواه الترمذي]، ولو لم يكن في تَرْك الغيرة إلاّ أنها من صفات من لا خلاق له في الدنيا والآخرة من الكفار والمنافقين لكان حريّاً بالمؤمن أن يستمسك بها؛ فخير لك أن تلحق بركاب سعد الغيور على حرماته رضي الله عنه، على أن تلحق بركاب عديم الغيرة عبدِ الله بن أبي بن سلول؛ فالأول قال مقولة حق: "لو رأيت من أهلي ما يريبني لأطيحن بالرأس، ولأضربن بالسيف غير مصفح"، والآخر كان يقدم لضيوفه بعض إمائه. وهكذا الحال في كل زمان ومكان، حيث تكون الغيرة فيه على قدر الإيمان واليقين؛ لذا تلحظون في الجملة أن البلاد التي لا تزال على دين متين ترى من نسائها عفة وحياء وأخذاً برسوم الحشمة والكرامة.
إن الإعلام في بلاد الإسلام أضحى بلا هويةٍ ولا هدف؛ وإن كان من هدف فهو اجتلاب الناس وتوفيرُ أموال المعلنين؛ ولو كان على حساب القيم والأخلاق والعقائد؛ فبعد أن كانت المسلسلاتُ التركيةُ الهابطة تضخ من قناة واحدة، ها هي القنوات الأخرى أخذت بسنن غيرها في نشر هذا الغثاء، وهي ولا ريب مسلسلات انبثقت من مجتمعات عشعشت فيها العلمانية والإباحية.
إن تكالب هذا الإعلام الفاسد على من يشاهدون هذه القنوات التي تُدار بعقول خبيثة، كفيل بتدمير خلايا الغيرة في النفوس الصغار، و اهتزاز تلك المسلمات في النفوس الكبار، ولعلكم رأيتم بعضاً من آثارها المخزية على الناشئة بنين وبنات؛ إذ أضحت تلك الشخوص النكرات أمثولة تُحتذى ويُقتدى بها، وأصبح ذلك الغِرّ المفتون يعقد المقارنات بين مجتمع انحلت عراه، وبين مجتمعه الذي لا يزال يأخذ بأسباب العفة والطهر، فيرى في الأول جنةً وارفةَ الحرية والأنس، وفي الآخر سجناً نكداً، ويرغب لو كان له من الأمر شيء أن يتساوى بأولئك في هذا الانفلات!! ولو أعمل هذا الإنسان عقله للنظر فيما وراء تلك الرسوم التي يرى فيها القدوة والوجهة؛ لرأى دماراً تنعب فيه بوم الخراب؛ فالأسرة قد تشتت شملها، وهجرتها السكينة، وفقدت القوامة التي هي من مرتكزاتها، وتداعت عليها النكبات، وأضحى العقلاء في تلك الديار ينادون بالأخذ بقيم الفطرة، التي هي كفيلة بعودة السكينة إلى تلك المجتمعات بعد أن حُرمت منها، بل إن المرأة هناك تصيح في أشباه الرجال أن يغاروا عليها؛ لتحس بحبه ومودته، وذوو السعادة يتعظون بغيرهم، وأهل الشقاء يتعظون بأنفسهم.
ولا بد أن تدرك أيها القارئ الكريم، أن الغيرة من الفطر التي فُطر الناس عليها، ويعروها ما يعرو مناحي الفطر الأخرى من التغيير والتبديل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو ينصّرانه أو يمجّسانه» [رواه البخاري]، فمن كان غارقاً في وَحْل الإباحية والرذيلة في المجتمعات الغربية أو الشرقية، وكان ذا فطرة فإنها كفيلة بصرفه عن هذه الشرور والموبقات، ولكن لكثرة المناظر المخزية والأفكار المردية، غُيّبت تلك الفطر، وأضحت خارج الأطر التي تحفل بها، وساعد من ذلك غياب الباعث عليها عند فتورها وهو الدين القويم، بل إن الأديان في تلك البقاع، وهي ولا ريب أديان محرفة تفتل في الغارب بنسجها القصص المكذوبة عن الأنبياء، وتصويرها لهؤلاء الكرام من أنبياء الله بصورة المتهالكين على الجنس، بل بلغت بهم الوقاحة أن جعلوا هؤلاء الأنبياء متسامحين في التعاطي معه حتى مع بناتهم!!
وصفوة الكلام أن الغيرة منها ما هو محمود، ومنها ما هو مذموم وممقوت؛ فما كان منها عن ريبة، فهو المحمود، وما كان عن غير ريبة، فهو المذموم، وقد أرشد لذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فعن جابر بن عتيك رضي الله عنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: «من الغيرة ما يحبه الله، ومنها ما يبغضه الله، فأما التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما التي يبغضها الله فالغيرة في غير ريبة» [رواه أبو داود].
د. سعد الدريهم مع الحذف
عدل سابقا من قبل سمية في الأربعاء أبريل 29, 2009 1:31 am عدل 1 مرات (السبب : تغيير حجم الخط)