للمخلوقات في هذه الحياة الأرضية الدنيا غايات، ولها للوصول إلى غاياتها وسائل..
فهناك مخلوقات لم يمنحها الله تعالى عقلاً يكلفها على أساسه أوامره ونواهيه، بل منحها غرائز تهتدي بها إلى تعاطي ما تستمر به حياتها المحدودة بدون اختيار منها، من أكل وشرب وتناسل وحركة وسكون...
وهناك مخلوقات منحها الله تعالى عقلاً وكلفها على أساسه أوامره ونواهيه، أي عبادته سبحانه، وجعلها فيما كلفها إياه مختارة في طاعته ومعصيته..
ولو شاء أن يجعلها تطيعه اضطراراً كما جعل الجمادات والحيوانات غير ذات العقل كذلك لفعل؛ لأنه على كل شيء قدير…
ولإظهار كمال قدرته جعل أهل العقول مضطرين في بعض جوانبهم ليس لهم فيها اختيار، فهو تعالى يخلقهم كما يشاء، في أي مكان شاء، وبأي صفات شاء..
فيخلق هذا طويلاً، ويخلق ذلك قصيراً، ويجعل لون هذا أبيض ولون ذلك أسود، ويمرض هذا ويعافي هذا ويطيل عمر هذا ويقصر عمر الآخر..
ويجعلهم جميعاً يتنفسون ويجوعون ويعطشون بدون اختيار منهم، بل يجعل أجزاء أجسامهم تؤدي وظائفها دون أن يكون لهم في ذلك اختيار...
فهم كالحيوانات في اضطرارهم في ذلك كله... بخلاف الطاعة في الأمر والنهي، فقد منحهم حرية الاختيار لينال كل منهم جزاءه على ما فعل اختياراً لا إكراها..
قال تعالى: (( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )). [يونس(99)].
(( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )). [البقرة (256)].
(( وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )) [الكهف (29)].
وليس معنى هذا أن الله تعالى أذن للناس إذناً شرعياً في أن يختاروا الهدى أو الضلال؛ لأنه كلفهم شرعاً اختيار طاعته وترك معصيته، وإنما قرر تعالى الواقع، وهو أن الإيمان لا يكون إلا عن اختيار ممن كُلِّفَه..
وأنه لو أراد أحد إكراه أحد على الإيمان لم يستطع ذلك؛ لأن المكره قد يعلن إيمانه بلسانه، وهو في الواقع منطوٍ على الكفر، ونتيجة ذلك هو النفاق لا الإسلام، ولذا ذكر المفسرون أن الأمر في قوله تعالى: (( فمن شاء فليؤمن )) في معنى التهديد.
قال المفسر الكلبي رحمه الله:
"(( فمن شاء فليؤمن )) لفظة أمر وتخيير، ومعناه أن الحق قد ظهر، فليختر كل إنسان لنفسه إما الحق الذي ينجيه أو الباطل الذي يهلكه، ففي ضمن ذلك تهديد".. [الكلبي التسهيل لعلوم التنزيل (2/187)].
منقول مع الحذف
فهناك مخلوقات لم يمنحها الله تعالى عقلاً يكلفها على أساسه أوامره ونواهيه، بل منحها غرائز تهتدي بها إلى تعاطي ما تستمر به حياتها المحدودة بدون اختيار منها، من أكل وشرب وتناسل وحركة وسكون...
وهناك مخلوقات منحها الله تعالى عقلاً وكلفها على أساسه أوامره ونواهيه، أي عبادته سبحانه، وجعلها فيما كلفها إياه مختارة في طاعته ومعصيته..
ولو شاء أن يجعلها تطيعه اضطراراً كما جعل الجمادات والحيوانات غير ذات العقل كذلك لفعل؛ لأنه على كل شيء قدير…
ولإظهار كمال قدرته جعل أهل العقول مضطرين في بعض جوانبهم ليس لهم فيها اختيار، فهو تعالى يخلقهم كما يشاء، في أي مكان شاء، وبأي صفات شاء..
فيخلق هذا طويلاً، ويخلق ذلك قصيراً، ويجعل لون هذا أبيض ولون ذلك أسود، ويمرض هذا ويعافي هذا ويطيل عمر هذا ويقصر عمر الآخر..
ويجعلهم جميعاً يتنفسون ويجوعون ويعطشون بدون اختيار منهم، بل يجعل أجزاء أجسامهم تؤدي وظائفها دون أن يكون لهم في ذلك اختيار...
فهم كالحيوانات في اضطرارهم في ذلك كله... بخلاف الطاعة في الأمر والنهي، فقد منحهم حرية الاختيار لينال كل منهم جزاءه على ما فعل اختياراً لا إكراها..
قال تعالى: (( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ )). [يونس(99)].
(( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدْ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )). [البقرة (256)].
(( وَقُلْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )) [الكهف (29)].
وليس معنى هذا أن الله تعالى أذن للناس إذناً شرعياً في أن يختاروا الهدى أو الضلال؛ لأنه كلفهم شرعاً اختيار طاعته وترك معصيته، وإنما قرر تعالى الواقع، وهو أن الإيمان لا يكون إلا عن اختيار ممن كُلِّفَه..
وأنه لو أراد أحد إكراه أحد على الإيمان لم يستطع ذلك؛ لأن المكره قد يعلن إيمانه بلسانه، وهو في الواقع منطوٍ على الكفر، ونتيجة ذلك هو النفاق لا الإسلام، ولذا ذكر المفسرون أن الأمر في قوله تعالى: (( فمن شاء فليؤمن )) في معنى التهديد.
قال المفسر الكلبي رحمه الله:
"(( فمن شاء فليؤمن )) لفظة أمر وتخيير، ومعناه أن الحق قد ظهر، فليختر كل إنسان لنفسه إما الحق الذي ينجيه أو الباطل الذي يهلكه، ففي ضمن ذلك تهديد".. [الكلبي التسهيل لعلوم التنزيل (2/187)].
منقول مع الحذف