تابع على اعتاب العشرة الاخيرة من رمضان
أخي الحبيب : بين يديك في
ليالي هذه العشر ليلة عظيمة القدر والشأن ، قال الله تعالى فيها : ( إنا
أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف
شهر * تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع
الفجر ) وقال صلى الله عليه وسلم : من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً
غفر له ما تقدّم من ذنبه ( متفق عليه ) وأهل العلم على أن الإنسان إذا قام
مع الإمام حتى ينصرف كل ليلة تحقق له شهود ليلة القدر لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة . لقد تحدث نبيك
صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر حديث المعظّم لها فقال صلى الله عليه
وسلم : التمسوها في العشر الأواخر في الوتر . متفق عليه . وفي حديث ابن
عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التمسوها في العشر
الأواخر من رمضان ، ليلة القدر في تاسعة تبقي ، في سابعة تبقى ، في خامسة
تبقى . رواه البخاري . وفي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : خرج
النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين ،
فقال : خرجت لأخبركم بليلة القدر ، فتلاحى فلان وفلان فَرُفعت ، وعسى أن
يكون خيراً لكم ، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة . رواه البخاري
. وقال صلى الله عليه وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن
كان متحريها ، فليتحرها في السبع الأواخر . متفق عليه . وقد قرر أهل العلم
رحمهم الله تعالى أنها في الأوتار آكد كما هو ظاهر حديث النبي صلى الله
علي وسلم .
أخي الحبيب : الصدقة سر من
أسرار رمضان بالذات ، وقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود
ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله
عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ، وأهل العلم رحمهم الله تعالى
على أن الطاعات تعظم في الأزمان الفاضلة ، والصدقة في هذه العشر من ميراث
الصالحين ، لقد كان صلى الله عليه وسلم جواداً كريماً في كل حياته ، وكان
في رمضان صورة أكثر جوداً وعطاءً ، وهكذا كان السلف الصالح رحمهم الله
تعالى في أزمان الطاعة . إن بإمكانك أخي الصائم أن تجعل لعشرك بعض نفحات
البر والإحسان إلى الأرامل والمساكين ، والفقراء والأيتام ، وأنت تعلم أن
للصدقة تأثيراً كبيراً في دفع البلاء عن المؤمن ، وتعلم أن المتصدق في ظل
صدقته يوم القيامه ، وتعلم أن ممن يظله الله تعالى بظله يوم القيامة متصدق
تصدّق بصدقته فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه . والصدقة وإن
كانت يسيرة إلا أنها بين يدي الله تعالى عظيمة ، فلا تبخل بشيء من العطاء
وقد بلغك أن الملك يدعو صباح كل يوم بقوله : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ولا
تنسى رعاك الله تعالى في هذا المقام أن تفطير الصائمين فرصة خاصة في ظلال
هذه العشر وقد قال نبيك صلى الله عليه وسلم : من فطّر صائماً كان له مثل
أجره ، ومثل ذلك في الأجر وأعظم فكاك الأسير بدينه ، وإغاثة المنكوبين ،
وإطعام الأيتام ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته . واعلم أن
الابتسامة صدقة من الصدقات ، ومثلها الرحمة بالآخرين ، والعفو عنهم ،
والصفح عن أصحاب الزلات ، وقد غفر الله تعالى لامرأة زانية بغي بسبب سقيها
لكلب وقد أرهقه العطش ، فقال الغزالي رحمه الله تعالى : لئن كانت الرحمة
بالبهائم تغفر ذنوب البغايا فإن الرحمة بالبشر تصنع العجائب . واعلم أن
أولى الصدقات بك في هذا المقام نبذ الفرقة ، وترك الخصام ، فإن الواقع
فيها في مثل هذا العشر قد يكون محروماً من آثار هذه الفضائل . إن مثلك لا
يخفى عليه أن ليلة القدر رُفع علمها عن الأمة بسبب الشجار والخصام ، وأي
حرمان أيها الحبيب لرجل في عشره الأخيرة من رمضان وهو لا زال يكابر في هذه
الفضائل ، ويقع فريسة لعدو الله تعالى ، ويصر على هجر إخوانه حتى في مواسم
الطاعات ؟ ولئن كانت أعمال العباد تُعرض على الله تعالى كل اثنين وخميس
فإن أعمال المتخاصمين يحرمها النزاع ثمرتها ، ويكتب عليها الشقاق آثار
الجرمان .
أخي الحبيب : ذكر الله تعالى
الغنيمة الباردة ، والزاد اليسير ، أعظم سلاح يتزوّد به المتقربين في هذه
العشر ، يكفي في ذلك حديث نبيك صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بخير
أعمالكم وأزكاها عند مليككم ؟ وأرفعها في درجاتكم ؟ وخير لكم من إنفاق
الذهب والورق ؟ وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا
أعناقكم ؟ " قالوا : بلى قال : ذكر الله . رواه الترمذي وصححه الألباني .
ذكر الله تعالى أيها المسلم في هذه الأيام زاد المتقين ، وقربة المؤمنين ،
وهو الباب الذي يزدلف الإنسان منه إلى ربه تبارك وتعالى . واعلم أن حفظك
للأذكار المقيّدة كالأذكار بعد الصلوات ، وأذكار الصباح والمساء ، وأذكار
النوم والاستيقاظ ، والأكل والشرب ، ودخول المسجد ، والخلاء ونحو ذلك ،
ودوامك على الأذكار المطلقة في كل حين طريق لنيل رضى ربك ، وتحقيق لسبق
غيرك ، وطريق للفوز والكرامة بين يدي ربك يوم القيامة
أخي الحبيب : الدعاء ،
الدعاء أيها المسلم فإنك في أيام البر والخير والإحسان ، لقد قال النبي
صلى الله عليه وسلم للصائم دعوة عند فطره لا ترد ، وأخبر صلى الله عليه
وسلم أن الله تعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل فيقول : هل من داعٍ
فأستجيب له ، هل من مستغفر فأغفر له . وحسن سألته عائشة رضي الله عنها
فقالت له : أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي :
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني . رواه الترمذي وابن ماجه وصححه
الألباني . فبين يديك مواطن الرحمة ، وقد تهيأت لك في هذه العشر أسباب
المغفرة ، وقد لاح لك جواب سؤالك اليوم فاعتنم فإن الفرص قد لاتتكرر .
أحوج ما نحن بحاجة إليه في هذه المسألة هي أنه حين يرانا الله تعالى ونحن
ندعوه أن يرانا وقد لبسنا ثوب الخشية ، والذلة ، والضعف ، والمسكنة ،
والانكسار بين يديه فإن ذلك من أعظم أسباب إجابة الدعاء . ومتى ما رآك
الله تعالى ذليلاً منكسراً من عليك ، ورأف بحالك ، وأعظم لك المثوبة .
فأقبل في تلك الساعات فإنها من الفرص التي لا تعوّض .
أخي الحبيب : الاعتكاف طريقك
إلى سمو الروح ، وعالمَ ٌإلى تحقيق مقاصد القلب من الخشية والإقبال على
الله تعالى ، فهو طريق للم شعث القلب ، ولم فرقته ، ولما كان الطعام
والشراب ، والخلطة تؤثّر على صفاء الروح ، وتسلب القلب من مقامات الأولياء
شرع الله تعالى الصوم والاعتكاف ، فإن الصوم يذهب بكير التخفة وأثرها على
القلب ، والاعتكاف يذهب بكير الخلطة ، فيحدث صفاء الروح ، فيسمو الإنسان
بين يدي الله تعالى . وهو سنّة ماضية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد
اعتكف صلى الله عليه وسلم العشر الأول ، ثم اعتكف العشر الأوسط ، ثم اعتكف
العشر الأخيرة واستقر اعتكافه في هذه العشر .وعلى هذا كانت حياة السلف
الصالح رحمهم الله تعالى .
أخي الحبيب : قد لا أنجح في
تصوير فضل القرآن لك ، خاصة في مثل هذه العشر ، لك يمكن أن أقول لك إنك
تقرأ كلام الله تعالى ، وتلهج بحديثه وذكره ، وتكرر كلامه ، فيا لله أي
كلام تردده ؟ وأي حديث تلفظ به شفاك ؟ وأي وقت تستقطعه في تكرار هذا
الحديث ؟ كان جبريل عليه السلام يعارض رسولنا صلى الله عليه وسلم بالقرآن
كل عام مرة ، وعارضه في العام الذي توفي فيه مرتين ، ولا تنسى أن الحرف
الواحد بعشر حسنات إلى أضعاف كثيرة ، ويكفي أن الله تعالى قال : ( وننزّل
من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) فقط آمل أن تقرأه وأنت تتصوّر من
تحدّث به ، تقرأه قراءة المتشافي به من المرض ، الباحث به عن الصحة ،
المؤمّل فيه الراحة والسعادة والترقي في منازل الإيمان .
أخي الحبيب : مهما كنت
حريصاً في هذا المقام على رفع مقامك بين يدي الله تعالى إلا أنك أوعب
للقضية ، وتعلم مقدار ما بين يديك من فرصة ، وتدرك تماماً أنه قد تهيأ لك
من أسباب الخير مالم يتهيأ لغيرك ، لئن كنت تشهد هذه العشر وأنت تلبس ثوب
العافية فغيرك يشهدها لكنه أسير على الأسرّة البيض لا يملك من الفرحة التي
تعيشها سوى دمعة تذرف على خديه . ولئن كنت تشهدها حقيقة فغيرك تجرّع غصص
ورحل وكم كان يتمنّى أن يشهد شهودك أخي الحبيب .
أخي الحبيب :
أدعوك دعاء المحب لحبيبه ، دعاء الناصح لأخيه ، أدعوك أن
تعتبر هذه العشر الفرصة التي قد لا تعود ، والحياة التي قد لاتتكرر مرة
أخرى .. كن إيجابياً ، وانظر إلى الفرص بعين المتسابق التي يتمنى أن تلوح
له . سائلاً الله تعالى لك الهداية والتوفيق والسداد .
أخي الحبيب : بين يديك في
ليالي هذه العشر ليلة عظيمة القدر والشأن ، قال الله تعالى فيها : ( إنا
أنزلناه في ليلة القدر * وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف
شهر * تنزّل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر * سلام هي حتى مطلع
الفجر ) وقال صلى الله عليه وسلم : من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً
غفر له ما تقدّم من ذنبه ( متفق عليه ) وأهل العلم على أن الإنسان إذا قام
مع الإمام حتى ينصرف كل ليلة تحقق له شهود ليلة القدر لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة . لقد تحدث نبيك
صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر حديث المعظّم لها فقال صلى الله عليه
وسلم : التمسوها في العشر الأواخر في الوتر . متفق عليه . وفي حديث ابن
عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التمسوها في العشر
الأواخر من رمضان ، ليلة القدر في تاسعة تبقي ، في سابعة تبقى ، في خامسة
تبقى . رواه البخاري . وفي حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : خرج
النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين ،
فقال : خرجت لأخبركم بليلة القدر ، فتلاحى فلان وفلان فَرُفعت ، وعسى أن
يكون خيراً لكم ، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة . رواه البخاري
. وقال صلى الله عليه وسلم : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر ، فمن
كان متحريها ، فليتحرها في السبع الأواخر . متفق عليه . وقد قرر أهل العلم
رحمهم الله تعالى أنها في الأوتار آكد كما هو ظاهر حديث النبي صلى الله
علي وسلم .
أخي الحبيب : الصدقة سر من
أسرار رمضان بالذات ، وقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود
ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله
عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ، وأهل العلم رحمهم الله تعالى
على أن الطاعات تعظم في الأزمان الفاضلة ، والصدقة في هذه العشر من ميراث
الصالحين ، لقد كان صلى الله عليه وسلم جواداً كريماً في كل حياته ، وكان
في رمضان صورة أكثر جوداً وعطاءً ، وهكذا كان السلف الصالح رحمهم الله
تعالى في أزمان الطاعة . إن بإمكانك أخي الصائم أن تجعل لعشرك بعض نفحات
البر والإحسان إلى الأرامل والمساكين ، والفقراء والأيتام ، وأنت تعلم أن
للصدقة تأثيراً كبيراً في دفع البلاء عن المؤمن ، وتعلم أن المتصدق في ظل
صدقته يوم القيامه ، وتعلم أن ممن يظله الله تعالى بظله يوم القيامة متصدق
تصدّق بصدقته فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه . والصدقة وإن
كانت يسيرة إلا أنها بين يدي الله تعالى عظيمة ، فلا تبخل بشيء من العطاء
وقد بلغك أن الملك يدعو صباح كل يوم بقوله : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ولا
تنسى رعاك الله تعالى في هذا المقام أن تفطير الصائمين فرصة خاصة في ظلال
هذه العشر وقد قال نبيك صلى الله عليه وسلم : من فطّر صائماً كان له مثل
أجره ، ومثل ذلك في الأجر وأعظم فكاك الأسير بدينه ، وإغاثة المنكوبين ،
وإطعام الأيتام ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته . واعلم أن
الابتسامة صدقة من الصدقات ، ومثلها الرحمة بالآخرين ، والعفو عنهم ،
والصفح عن أصحاب الزلات ، وقد غفر الله تعالى لامرأة زانية بغي بسبب سقيها
لكلب وقد أرهقه العطش ، فقال الغزالي رحمه الله تعالى : لئن كانت الرحمة
بالبهائم تغفر ذنوب البغايا فإن الرحمة بالبشر تصنع العجائب . واعلم أن
أولى الصدقات بك في هذا المقام نبذ الفرقة ، وترك الخصام ، فإن الواقع
فيها في مثل هذا العشر قد يكون محروماً من آثار هذه الفضائل . إن مثلك لا
يخفى عليه أن ليلة القدر رُفع علمها عن الأمة بسبب الشجار والخصام ، وأي
حرمان أيها الحبيب لرجل في عشره الأخيرة من رمضان وهو لا زال يكابر في هذه
الفضائل ، ويقع فريسة لعدو الله تعالى ، ويصر على هجر إخوانه حتى في مواسم
الطاعات ؟ ولئن كانت أعمال العباد تُعرض على الله تعالى كل اثنين وخميس
فإن أعمال المتخاصمين يحرمها النزاع ثمرتها ، ويكتب عليها الشقاق آثار
الجرمان .
أخي الحبيب : ذكر الله تعالى
الغنيمة الباردة ، والزاد اليسير ، أعظم سلاح يتزوّد به المتقربين في هذه
العشر ، يكفي في ذلك حديث نبيك صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بخير
أعمالكم وأزكاها عند مليككم ؟ وأرفعها في درجاتكم ؟ وخير لكم من إنفاق
الذهب والورق ؟ وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا
أعناقكم ؟ " قالوا : بلى قال : ذكر الله . رواه الترمذي وصححه الألباني .
ذكر الله تعالى أيها المسلم في هذه الأيام زاد المتقين ، وقربة المؤمنين ،
وهو الباب الذي يزدلف الإنسان منه إلى ربه تبارك وتعالى . واعلم أن حفظك
للأذكار المقيّدة كالأذكار بعد الصلوات ، وأذكار الصباح والمساء ، وأذكار
النوم والاستيقاظ ، والأكل والشرب ، ودخول المسجد ، والخلاء ونحو ذلك ،
ودوامك على الأذكار المطلقة في كل حين طريق لنيل رضى ربك ، وتحقيق لسبق
غيرك ، وطريق للفوز والكرامة بين يدي ربك يوم القيامة
أخي الحبيب : الدعاء ،
الدعاء أيها المسلم فإنك في أيام البر والخير والإحسان ، لقد قال النبي
صلى الله عليه وسلم للصائم دعوة عند فطره لا ترد ، وأخبر صلى الله عليه
وسلم أن الله تعالى ينزل في الثلث الأخير من الليل فيقول : هل من داعٍ
فأستجيب له ، هل من مستغفر فأغفر له . وحسن سألته عائشة رضي الله عنها
فقالت له : أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال : قولي :
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني . رواه الترمذي وابن ماجه وصححه
الألباني . فبين يديك مواطن الرحمة ، وقد تهيأت لك في هذه العشر أسباب
المغفرة ، وقد لاح لك جواب سؤالك اليوم فاعتنم فإن الفرص قد لاتتكرر .
أحوج ما نحن بحاجة إليه في هذه المسألة هي أنه حين يرانا الله تعالى ونحن
ندعوه أن يرانا وقد لبسنا ثوب الخشية ، والذلة ، والضعف ، والمسكنة ،
والانكسار بين يديه فإن ذلك من أعظم أسباب إجابة الدعاء . ومتى ما رآك
الله تعالى ذليلاً منكسراً من عليك ، ورأف بحالك ، وأعظم لك المثوبة .
فأقبل في تلك الساعات فإنها من الفرص التي لا تعوّض .
أخي الحبيب : الاعتكاف طريقك
إلى سمو الروح ، وعالمَ ٌإلى تحقيق مقاصد القلب من الخشية والإقبال على
الله تعالى ، فهو طريق للم شعث القلب ، ولم فرقته ، ولما كان الطعام
والشراب ، والخلطة تؤثّر على صفاء الروح ، وتسلب القلب من مقامات الأولياء
شرع الله تعالى الصوم والاعتكاف ، فإن الصوم يذهب بكير التخفة وأثرها على
القلب ، والاعتكاف يذهب بكير الخلطة ، فيحدث صفاء الروح ، فيسمو الإنسان
بين يدي الله تعالى . وهو سنّة ماضية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقد
اعتكف صلى الله عليه وسلم العشر الأول ، ثم اعتكف العشر الأوسط ، ثم اعتكف
العشر الأخيرة واستقر اعتكافه في هذه العشر .وعلى هذا كانت حياة السلف
الصالح رحمهم الله تعالى .
أخي الحبيب : قد لا أنجح في
تصوير فضل القرآن لك ، خاصة في مثل هذه العشر ، لك يمكن أن أقول لك إنك
تقرأ كلام الله تعالى ، وتلهج بحديثه وذكره ، وتكرر كلامه ، فيا لله أي
كلام تردده ؟ وأي حديث تلفظ به شفاك ؟ وأي وقت تستقطعه في تكرار هذا
الحديث ؟ كان جبريل عليه السلام يعارض رسولنا صلى الله عليه وسلم بالقرآن
كل عام مرة ، وعارضه في العام الذي توفي فيه مرتين ، ولا تنسى أن الحرف
الواحد بعشر حسنات إلى أضعاف كثيرة ، ويكفي أن الله تعالى قال : ( وننزّل
من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) فقط آمل أن تقرأه وأنت تتصوّر من
تحدّث به ، تقرأه قراءة المتشافي به من المرض ، الباحث به عن الصحة ،
المؤمّل فيه الراحة والسعادة والترقي في منازل الإيمان .
أخي الحبيب : مهما كنت
حريصاً في هذا المقام على رفع مقامك بين يدي الله تعالى إلا أنك أوعب
للقضية ، وتعلم مقدار ما بين يديك من فرصة ، وتدرك تماماً أنه قد تهيأ لك
من أسباب الخير مالم يتهيأ لغيرك ، لئن كنت تشهد هذه العشر وأنت تلبس ثوب
العافية فغيرك يشهدها لكنه أسير على الأسرّة البيض لا يملك من الفرحة التي
تعيشها سوى دمعة تذرف على خديه . ولئن كنت تشهدها حقيقة فغيرك تجرّع غصص
ورحل وكم كان يتمنّى أن يشهد شهودك أخي الحبيب .
أخي الحبيب :
أدعوك دعاء المحب لحبيبه ، دعاء الناصح لأخيه ، أدعوك أن
تعتبر هذه العشر الفرصة التي قد لا تعود ، والحياة التي قد لاتتكرر مرة
أخرى .. كن إيجابياً ، وانظر إلى الفرص بعين المتسابق التي يتمنى أن تلوح
له . سائلاً الله تعالى لك الهداية والتوفيق والسداد .