على أعتاب العشر الأخيرة من رمضان !
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
أخي الحبيب : نلتقي وإياك
هذا اليوم على أعتاب العشر الأخيرة من رمضان ! نلتقي ونحن نتذكّر ذلك
الفرح الذي عم قلوبنا بالأمس بلقاء هذا الشهر ، واليوم نقف على أعتابه
عشره الأخيرة ، وهو ماضٍ بصفحاتنا ، راحل بأعمالنا ، فماذا يا ترى لدينا
في أيام الوداع ؟ إن المتأمّل في هذا الشهر يجد دون تروٍّ أن هناك حكمة
عظيمة من وراء شرعيته ، لقد جعله الله تعالى على قسمين ، عشرون من أيامه
جعلها الله تعالى فرصة لأخذ مزيد من الطاعة ، وترقى بنا خلال هذه العشرين
في فضائل الأعمال التي جاءت في لحاف البشائر على لسان رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، ثم جعل الله تعالى هناك فرصة مضاعفة من فاته شيء من الفضل ،
جعل الله تعالى هذه العشر الأخيرة بمثابة مسك الختام للوداع ، واختصها
الله تعالى بليلة القدر ، تلك الليلة التي تعدل ثلاث وثمانين سنة وبضعة
أشهر في تاريخ الإنسان .
أخي الحبيب : دعني أبارك لك
هذا اللقاء ، أهنئك أيها المسلم وأنت تصافح أعظم ليالي العام ، إنني أشعر
أيها الحبيب وأنا أحدثك على أعتاب هذه العشر أن ثمة فرصة تعاود الكرة عليك
من جديد ، ثمة فرصة هذه المرة تفتح لك أبواب النعيم ، ثمة فرصة تغسل
أدرانك ، وتذيب أخطاءك ، وتحيلك إلى أعظم مخلوق بين يدي ربك . أيها المسلم
إن الفرص تلوح لكنها قد لا تعود ، والمؤمن الصادق هو من يستغل الفرص حين
ما يرى بريقها ، فهيا أخي الفاضل نكتب بعض مآثر الرجال في عشر رمضان !
أخي الحبيب : أخبر الله
تعالى في الحديث القدسي خبراً يشنّف الأسماع حين قال : وما تقرّب إلى عبدي
بأحب شيء مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه (
رواه البخاري ) وأخبر خبراً آخر فقال : من تقرّب إلى شبراً تقربت إليه
ذراعاً ، ومن تقرّب إلىّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته
هرولة . ( رواه مسلم ) تأمّل يارعاك الله هذا الخبر الوجداني الكريم ، إن
مساحة الأمل في رحاب الله تعالى أعظم من أن توصف ! إنها مساحة لا تشترط
شرطاً معيناً على المقبل إليه ، فقط حين يصدق في إقباله فإن الله تعالى
يمن عليه بالفضائل .
أخي الحبيب : ما أحوجني
وإياك اليوم في ظل هذه العشر وقبل الوداع أن نحسن الإقبال على الله تعالى
، وأن نستدرك أيام التفريط ، وأن نعوّض ما فات ، أتراني أخي الحبيب أطلب
منك مستحيلاً حين أقول من الواجب على الفطن العاقل اليوم في ظل هذه العشر
أن يحسن ملازمة الطاعة ، وأن يتكرّم على نفسه بالورود إلى حياض المكارم
ولو لهذه اللحظات الغالية ، وكيف أطلب من نفسي وإياك مستحيلاً وهذه العشر
لا تأتي في العام إلا وهله . إنني أريد من نفسي ومنك أن نتشبه بحال
السابقين ، وأولى هؤلاء السابقين نبيك صلى الله عليه وسلم حين تخبر زوجه
عائشة رضي الله تعالى عنها فتقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل
العشر شد مئزره وأحيا ليله ، وأيقظ أهله ( متفق عله ) زاد مسلم : وجد وشد
المئزر . وكانت تقول رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره ( رواه مسلم ) وكان علي رضي الله عنه
يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان
. ( رواه الترمذي وصححه الألباني ) فهاهو رسولك أيها الحبيب يعلم ما في
هذه العشر فيتعبّد فيها ما لا يتعبّد في غيرها . إن أول صورة تتراءى في
الذهن لاجتهاد هذا النبي الكريم هي صورة إقباله صلى الله عليه وسلم على
الصلاة ، واهتمامه وتعلقه بها تلك صورة من حافظ عليها واهتم بها لقي في
قلبه عوالم الأرواح الحقيقية ، ولما لا تكون كذلك وفي حديث ابن عمر رضي
الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله ليعجب من الصلاة في
الجميع . ( رواه الإمام أحمد وصححه أحمد شاكر والألباني ) وفي حديث أبي
هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : لا يتوضأ أحدكم فيحسن الوضوء
ويسبغه ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا تبشبش الله إليه كما
يبشبش أهل الغائب بطلعته . ( رواه ابن خزيمه وصححه الألباني ) بوب ابن
خزيمة على هذا الحديث فقال : باب ذكر فرح الرب تعالى بمشي عبده متوضأ .
وفي حديث ميثم رجل من أصحاب النبي صلى الله علي وسلم قال : بلغني أن الملك
يغدو برايته مع أول من يغدو إلى المسجد ، فلا يزال بها معه حتى يرجع فيدخل
إلى منزله . رواه ابن أبي عاصم ، وأبو نعيم والمنذري وصححه الألباني . فأي
مواقف تقفها أيها الحبيب في هذه العشر . وإذا كان الله تعالى يعجب منك ،
ويتبشبش إليك ، والملك يصحبك برايته فماذا تنتظر غير النعيم العظيم جعلك
الله تعالى من أهله . إن الفرصة تبدو كبيرة في ملازمة محراب المسجد اليوم
بالذات في مثل هذه العشر ، حرصك على صلاة الجماعة مع الإمام ، وكثرة
النافلة المقيدة والمطلقة ، سر من أسرار الموفقين في هذه الأيام ، أما
الليل فحدث عنه حديث المحبين ، وصدق من قال : دقائق الليل غالية فلا
ترخصوها بالغفلة ! يكفي أن الله تعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه ينزل في
ثلثه الأخير إلى السماء الدنيا فيقول : هل من داع فأستجيب له ؟ هل من
مستغفر فأغفر له ؟ متفق عليه .
مشعل بن عبد العزيز الفلاحي
أخي الحبيب : نلتقي وإياك
هذا اليوم على أعتاب العشر الأخيرة من رمضان ! نلتقي ونحن نتذكّر ذلك
الفرح الذي عم قلوبنا بالأمس بلقاء هذا الشهر ، واليوم نقف على أعتابه
عشره الأخيرة ، وهو ماضٍ بصفحاتنا ، راحل بأعمالنا ، فماذا يا ترى لدينا
في أيام الوداع ؟ إن المتأمّل في هذا الشهر يجد دون تروٍّ أن هناك حكمة
عظيمة من وراء شرعيته ، لقد جعله الله تعالى على قسمين ، عشرون من أيامه
جعلها الله تعالى فرصة لأخذ مزيد من الطاعة ، وترقى بنا خلال هذه العشرين
في فضائل الأعمال التي جاءت في لحاف البشائر على لسان رسول الله صلى الله
عليه وسلم ، ثم جعل الله تعالى هناك فرصة مضاعفة من فاته شيء من الفضل ،
جعل الله تعالى هذه العشر الأخيرة بمثابة مسك الختام للوداع ، واختصها
الله تعالى بليلة القدر ، تلك الليلة التي تعدل ثلاث وثمانين سنة وبضعة
أشهر في تاريخ الإنسان .
أخي الحبيب : دعني أبارك لك
هذا اللقاء ، أهنئك أيها المسلم وأنت تصافح أعظم ليالي العام ، إنني أشعر
أيها الحبيب وأنا أحدثك على أعتاب هذه العشر أن ثمة فرصة تعاود الكرة عليك
من جديد ، ثمة فرصة هذه المرة تفتح لك أبواب النعيم ، ثمة فرصة تغسل
أدرانك ، وتذيب أخطاءك ، وتحيلك إلى أعظم مخلوق بين يدي ربك . أيها المسلم
إن الفرص تلوح لكنها قد لا تعود ، والمؤمن الصادق هو من يستغل الفرص حين
ما يرى بريقها ، فهيا أخي الفاضل نكتب بعض مآثر الرجال في عشر رمضان !
أخي الحبيب : أخبر الله
تعالى في الحديث القدسي خبراً يشنّف الأسماع حين قال : وما تقرّب إلى عبدي
بأحب شيء مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه (
رواه البخاري ) وأخبر خبراً آخر فقال : من تقرّب إلى شبراً تقربت إليه
ذراعاً ، ومن تقرّب إلىّ ذراعاً تقربت إليه باعاً ، ومن أتاني يمشي أتيته
هرولة . ( رواه مسلم ) تأمّل يارعاك الله هذا الخبر الوجداني الكريم ، إن
مساحة الأمل في رحاب الله تعالى أعظم من أن توصف ! إنها مساحة لا تشترط
شرطاً معيناً على المقبل إليه ، فقط حين يصدق في إقباله فإن الله تعالى
يمن عليه بالفضائل .
أخي الحبيب : ما أحوجني
وإياك اليوم في ظل هذه العشر وقبل الوداع أن نحسن الإقبال على الله تعالى
، وأن نستدرك أيام التفريط ، وأن نعوّض ما فات ، أتراني أخي الحبيب أطلب
منك مستحيلاً حين أقول من الواجب على الفطن العاقل اليوم في ظل هذه العشر
أن يحسن ملازمة الطاعة ، وأن يتكرّم على نفسه بالورود إلى حياض المكارم
ولو لهذه اللحظات الغالية ، وكيف أطلب من نفسي وإياك مستحيلاً وهذه العشر
لا تأتي في العام إلا وهله . إنني أريد من نفسي ومنك أن نتشبه بحال
السابقين ، وأولى هؤلاء السابقين نبيك صلى الله عليه وسلم حين تخبر زوجه
عائشة رضي الله تعالى عنها فتقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل
العشر شد مئزره وأحيا ليله ، وأيقظ أهله ( متفق عله ) زاد مسلم : وجد وشد
المئزر . وكانت تقول رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره ( رواه مسلم ) وكان علي رضي الله عنه
يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان
. ( رواه الترمذي وصححه الألباني ) فهاهو رسولك أيها الحبيب يعلم ما في
هذه العشر فيتعبّد فيها ما لا يتعبّد في غيرها . إن أول صورة تتراءى في
الذهن لاجتهاد هذا النبي الكريم هي صورة إقباله صلى الله عليه وسلم على
الصلاة ، واهتمامه وتعلقه بها تلك صورة من حافظ عليها واهتم بها لقي في
قلبه عوالم الأرواح الحقيقية ، ولما لا تكون كذلك وفي حديث ابن عمر رضي
الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله ليعجب من الصلاة في
الجميع . ( رواه الإمام أحمد وصححه أحمد شاكر والألباني ) وفي حديث أبي
هريرة رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : لا يتوضأ أحدكم فيحسن الوضوء
ويسبغه ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا تبشبش الله إليه كما
يبشبش أهل الغائب بطلعته . ( رواه ابن خزيمه وصححه الألباني ) بوب ابن
خزيمة على هذا الحديث فقال : باب ذكر فرح الرب تعالى بمشي عبده متوضأ .
وفي حديث ميثم رجل من أصحاب النبي صلى الله علي وسلم قال : بلغني أن الملك
يغدو برايته مع أول من يغدو إلى المسجد ، فلا يزال بها معه حتى يرجع فيدخل
إلى منزله . رواه ابن أبي عاصم ، وأبو نعيم والمنذري وصححه الألباني . فأي
مواقف تقفها أيها الحبيب في هذه العشر . وإذا كان الله تعالى يعجب منك ،
ويتبشبش إليك ، والملك يصحبك برايته فماذا تنتظر غير النعيم العظيم جعلك
الله تعالى من أهله . إن الفرصة تبدو كبيرة في ملازمة محراب المسجد اليوم
بالذات في مثل هذه العشر ، حرصك على صلاة الجماعة مع الإمام ، وكثرة
النافلة المقيدة والمطلقة ، سر من أسرار الموفقين في هذه الأيام ، أما
الليل فحدث عنه حديث المحبين ، وصدق من قال : دقائق الليل غالية فلا
ترخصوها بالغفلة ! يكفي أن الله تعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه ينزل في
ثلثه الأخير إلى السماء الدنيا فيقول : هل من داع فأستجيب له ؟ هل من
مستغفر فأغفر له ؟ متفق عليه .