وفاة الشيخ سعيد الزياني
تشيع اليوم جنازة الداعية الشيخ سعيد الزياني الذي وافته المنية الخميس الماضي في حادث سير بإمارة أبو ظبي.
ويؤدى آلاف المسلمين من محبي الفقيد وتلاميذه وإخوانه صلاة الجنازة على جثمانه اليوم السبت بمسجد الصحابة بالشارقة.
وتوفي الزياني إثر حادث سيارة مساء الخميس بمنطقة «البدع» على طريق أبو ظبي دبي؛ حيث كان عائداً من حضور حفل زفاف نجل الشيخ محمد بن حمدان آل نهيان في أبوظبي والزياني من أصل مغربي، ويحمل الجنسية القطرية.
ونعت عدد من الهيئات الإسلامية فقيد الدعوة، وكان الشيخ الزياني يمتاز بالقبول لدى من يسمعه؛ نتيجة الإخلاص في الدعوة ووصول كلامه إلى قلوب مستمعيه قبل آذانهم لطريقته المبسطه في الإلقاء والوعظ.
ويذكر أنه «كان علماً من أعلام الدعوة، والذب عن العقيدة السليمة الصحيحة على منهج أهل السنة والجماعة، وكان مجاهداً يزود عن حياض الإسلام شرقاً وغرباً مدافعاً عن السنة، وعن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، مفنداً افتراءات المفترين مظهراً لباطلهم، مؤكداً على التخلية قبل التحلية تخلية القلب من المشاغل التي تحول بينه وبين القرب من ربه سبحانه وتعالى»
وعرف عن الفقيد معايشة واقع المسلمين شرقاً وغرباً والتألم لآلامهم والحزن على مصابهم وما يهتم به المسلمون ويمس حاجتهم.
وكان الزياني من الدعاة الذين استضافتهم وزارة الأوقاف القطرية لإلقاء عدد من المحاضرات والدروس خلال رمضان، وكانت المساجد التي يحاضر فيها تمتلئ عن بَكْرة أبيها بالمصلين حتى ينتهي من حديثه.
الرحلات الزمزمية
واشتهر الشيخ الزياني بالزيارات «الزمزمية» التي كان يقوم بها كل فترة بين قطر والسعودية لأداء العمرة واصطحاب كميات من ماء زمزم تكفيه أسابيع وقد تحدث عن تلك الزيارات فقال:
«كنت أقوم بين الفينة والأخرى برحلة إلى مكة المكرمة بالسيارة؛ حتى أحمل معي بعد أداء العمرة كمية من ماء زمزم تكفيني أنا وأسرتي لشهرين أو أكثر ثم أعود كلما نفدت الكمية، وكان الشيخ عبد الرحمن السديس يسمي رحلاتي هذه: (بالرحلات الزمزمية)
وتعرض الزياني قبل سنوات لحادثة سير خطيرة على طريق مكة - الطائف عقب عودته من جنازة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، ونقل بعدها للمستشفى، وكانت الحادثة سبباً لهداية طبيبين عِلمانيين كانا يشرفان على علاجه بمستشفى الملك فيصل بالطائف.
المغني الذي أصبح داعية
واشتهر الزياني مبكراً منذ طفولته؛ حيث كان يشارك في التمثيليات وأناشيد الأطفال التي كانت تتسم بالبراءة والفطرة، وتشتمل على حِكَمٍ ومواعظ، في بداية الستينيات بالإذاعة المغربية.
وواصل طريقه كمغن محترف بالفرقة الوطنية في المغرب، وشارك أشهر المغنيين مثل عبد الوهاب الدكالي وعبد الحليم حافظ الَّلذَيْنِ أصبحا فيما بعد من أكبر أصدقائه، وكان يشارك في فرقة التمثيل الوطنية بالإذاعة حتى برز في ميدان التمثيل، وأصبح يتقمص أدواراً رئيسية، وأعد وقدم برامج إذاعية وتلفزيونية، جعلته من أشهر مقدمي البرامج وأنجحها عند الجمهور، كما قدم النشرات الإخبارية في الإذاعة والتلفزيون، ومارس أنشطة أخرى في ميدان الإعلام كالكتابة والتلحين والإخراج الإذاعي.
كانت نقطة التحول في حياة الزياني البحث عن إجابة لسؤال أتعبه كثيراً هو: ما السعادة؟ وأين السعداء؟ طرحه خلال عمله كمقدم برامج على ضيوف من ثقافات وجنسيات ومراكز اجتماعية ووظيفية مختلفة ولم يجد له جواباً مقنعاً.
وفي سنة 1977م قصد أوروبا مهوى قلوب المغاربة، باحثا عن السعادة، وعلق على تلك الرحلة قائلاً: «فازداد شقائي هناك، لأنني لم أغير البيئة، أي من بيئة شر إلى بيئة خير، بل غيرت فقط الموقع الجغرافي. رجعت في نفس السنة إلى المغرب وإلى ميدان الإذاعة والتلفزيون والفن، وأنا غير راض عن نفسي، ولكني كنت مضطرا؛ لأنه لم يكن لدي بديل، ولم أجد آنذاك طريق السعادة».
وبلغت حيرة الزيانى قمتها عندما وقع بين يديه كتاب باللغة الفرنسية عنوانه الانتحار:
suicide) le) لكاتب فرنسي، قرأه، فإذا به جداول لإحصائيات للمنتحرين في الدول الأوروبية، مبينة تزايد هذه الانتحارات سنة عن سنة، وذَكر أن أكثر بلد يشهد الانتحارات هو السويد، الذي يوفر لمواطنيه كل ما يحتاجونه، ورغم ذلك فإن عدد الانتحارات في تزايد عندهم، حتى أصبح عندهم جسر سمي (جسر الانتحارات) لكثرة الذين كانوا يُلقون بأنفسهم من ذلك الجسر!!
وذكر أنه عندما قرأ عن حياة هؤلاء المنتحرين وجد أن حياته شبيهة بحياتهم، مع الفارق بينهم، إنه كان يؤمن بأن هناك رباً في هذا الوجود، هو الخالق والمستحق للعبودية، ولكن لم يكن يعلم أن هذه العبودية لله هي التي تحقق السعادة في الدنيا. كان للزيانى شقيق يعمل في هولندا تاب واهتدى بعد أن التقى بجماعة دعوية تنشط بين الشباب العربي المهاجر لأوروبا. وأثرت هداية الشقيق الأكبر في الزياني الذي بدأ يتعرف حقيقة إسلامه.
وروى ما حدث له في تلك الفترة قائلا: شرح الله صدري وعزمت على الإقلاع عما كنت عليه، وندمت على ما فرطت في جنب الله، وعزمت أن لا أعود إلى ذلك. فوجدت نفسي أعرف الكثير من المعلومات والثقافات، إلا عن الشيء الذي خلقت من أجله، والذي يحقق لي سعادة الدنيا والآخرة، وهو دين الله تعالى، فقررت أن أترك كل شيء لكي أتعلم ديني. فتفرغت لطلب العلم والدعوة إلى الله، فوجدت سعادتي المنشودة بفضل الله ومَنِّهِ.
تشيع اليوم جنازة الداعية الشيخ سعيد الزياني الذي وافته المنية الخميس الماضي في حادث سير بإمارة أبو ظبي.
ويؤدى آلاف المسلمين من محبي الفقيد وتلاميذه وإخوانه صلاة الجنازة على جثمانه اليوم السبت بمسجد الصحابة بالشارقة.
وتوفي الزياني إثر حادث سيارة مساء الخميس بمنطقة «البدع» على طريق أبو ظبي دبي؛ حيث كان عائداً من حضور حفل زفاف نجل الشيخ محمد بن حمدان آل نهيان في أبوظبي والزياني من أصل مغربي، ويحمل الجنسية القطرية.
ونعت عدد من الهيئات الإسلامية فقيد الدعوة، وكان الشيخ الزياني يمتاز بالقبول لدى من يسمعه؛ نتيجة الإخلاص في الدعوة ووصول كلامه إلى قلوب مستمعيه قبل آذانهم لطريقته المبسطه في الإلقاء والوعظ.
ويذكر أنه «كان علماً من أعلام الدعوة، والذب عن العقيدة السليمة الصحيحة على منهج أهل السنة والجماعة، وكان مجاهداً يزود عن حياض الإسلام شرقاً وغرباً مدافعاً عن السنة، وعن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، مفنداً افتراءات المفترين مظهراً لباطلهم، مؤكداً على التخلية قبل التحلية تخلية القلب من المشاغل التي تحول بينه وبين القرب من ربه سبحانه وتعالى»
وعرف عن الفقيد معايشة واقع المسلمين شرقاً وغرباً والتألم لآلامهم والحزن على مصابهم وما يهتم به المسلمون ويمس حاجتهم.
وكان الزياني من الدعاة الذين استضافتهم وزارة الأوقاف القطرية لإلقاء عدد من المحاضرات والدروس خلال رمضان، وكانت المساجد التي يحاضر فيها تمتلئ عن بَكْرة أبيها بالمصلين حتى ينتهي من حديثه.
الرحلات الزمزمية
واشتهر الشيخ الزياني بالزيارات «الزمزمية» التي كان يقوم بها كل فترة بين قطر والسعودية لأداء العمرة واصطحاب كميات من ماء زمزم تكفيه أسابيع وقد تحدث عن تلك الزيارات فقال:
«كنت أقوم بين الفينة والأخرى برحلة إلى مكة المكرمة بالسيارة؛ حتى أحمل معي بعد أداء العمرة كمية من ماء زمزم تكفيني أنا وأسرتي لشهرين أو أكثر ثم أعود كلما نفدت الكمية، وكان الشيخ عبد الرحمن السديس يسمي رحلاتي هذه: (بالرحلات الزمزمية)
وتعرض الزياني قبل سنوات لحادثة سير خطيرة على طريق مكة - الطائف عقب عودته من جنازة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، ونقل بعدها للمستشفى، وكانت الحادثة سبباً لهداية طبيبين عِلمانيين كانا يشرفان على علاجه بمستشفى الملك فيصل بالطائف.
المغني الذي أصبح داعية
واشتهر الزياني مبكراً منذ طفولته؛ حيث كان يشارك في التمثيليات وأناشيد الأطفال التي كانت تتسم بالبراءة والفطرة، وتشتمل على حِكَمٍ ومواعظ، في بداية الستينيات بالإذاعة المغربية.
وواصل طريقه كمغن محترف بالفرقة الوطنية في المغرب، وشارك أشهر المغنيين مثل عبد الوهاب الدكالي وعبد الحليم حافظ الَّلذَيْنِ أصبحا فيما بعد من أكبر أصدقائه، وكان يشارك في فرقة التمثيل الوطنية بالإذاعة حتى برز في ميدان التمثيل، وأصبح يتقمص أدواراً رئيسية، وأعد وقدم برامج إذاعية وتلفزيونية، جعلته من أشهر مقدمي البرامج وأنجحها عند الجمهور، كما قدم النشرات الإخبارية في الإذاعة والتلفزيون، ومارس أنشطة أخرى في ميدان الإعلام كالكتابة والتلحين والإخراج الإذاعي.
كانت نقطة التحول في حياة الزياني البحث عن إجابة لسؤال أتعبه كثيراً هو: ما السعادة؟ وأين السعداء؟ طرحه خلال عمله كمقدم برامج على ضيوف من ثقافات وجنسيات ومراكز اجتماعية ووظيفية مختلفة ولم يجد له جواباً مقنعاً.
وفي سنة 1977م قصد أوروبا مهوى قلوب المغاربة، باحثا عن السعادة، وعلق على تلك الرحلة قائلاً: «فازداد شقائي هناك، لأنني لم أغير البيئة، أي من بيئة شر إلى بيئة خير، بل غيرت فقط الموقع الجغرافي. رجعت في نفس السنة إلى المغرب وإلى ميدان الإذاعة والتلفزيون والفن، وأنا غير راض عن نفسي، ولكني كنت مضطرا؛ لأنه لم يكن لدي بديل، ولم أجد آنذاك طريق السعادة».
وبلغت حيرة الزيانى قمتها عندما وقع بين يديه كتاب باللغة الفرنسية عنوانه الانتحار:
suicide) le) لكاتب فرنسي، قرأه، فإذا به جداول لإحصائيات للمنتحرين في الدول الأوروبية، مبينة تزايد هذه الانتحارات سنة عن سنة، وذَكر أن أكثر بلد يشهد الانتحارات هو السويد، الذي يوفر لمواطنيه كل ما يحتاجونه، ورغم ذلك فإن عدد الانتحارات في تزايد عندهم، حتى أصبح عندهم جسر سمي (جسر الانتحارات) لكثرة الذين كانوا يُلقون بأنفسهم من ذلك الجسر!!
وذكر أنه عندما قرأ عن حياة هؤلاء المنتحرين وجد أن حياته شبيهة بحياتهم، مع الفارق بينهم، إنه كان يؤمن بأن هناك رباً في هذا الوجود، هو الخالق والمستحق للعبودية، ولكن لم يكن يعلم أن هذه العبودية لله هي التي تحقق السعادة في الدنيا. كان للزيانى شقيق يعمل في هولندا تاب واهتدى بعد أن التقى بجماعة دعوية تنشط بين الشباب العربي المهاجر لأوروبا. وأثرت هداية الشقيق الأكبر في الزياني الذي بدأ يتعرف حقيقة إسلامه.
وروى ما حدث له في تلك الفترة قائلا: شرح الله صدري وعزمت على الإقلاع عما كنت عليه، وندمت على ما فرطت في جنب الله، وعزمت أن لا أعود إلى ذلك. فوجدت نفسي أعرف الكثير من المعلومات والثقافات، إلا عن الشيء الذي خلقت من أجله، والذي يحقق لي سعادة الدنيا والآخرة، وهو دين الله تعالى، فقررت أن أترك كل شيء لكي أتعلم ديني. فتفرغت لطلب العلم والدعوة إلى الله، فوجدت سعادتي المنشودة بفضل الله ومَنِّهِ.