يحرص المسلمون في بقاع الكرة الأرضية على أداء صلاة التراويح أو القيام، كما يحب أن يسميها البعض في شهر رمضان المبارك، لأجرها العظيم كما أخبرنا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، رغم شدة الحرارة والرطوبة التي تشهدها الأجواء في هذه الفترة من السنة.
ويعاني قطاع غزة من أزمة خانق تكاد تعصف بجميع مناحي الحياة في القطاع سواء أكانت الصحية أو المعيشية أو البيئية، بسبب استمرار سلطة "عباس - فياض" في رفض تحويل الأموال المخصصة للوقود الصناعي المخصص لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، لسلطات الاحتلال بحج واهية، مما دفع الأخير إلى إدخال كميات مقننة من الوقود لا تكفي لتشغيل المحطة ليوم واحد، نتج عنها انقطاع التيار الكهربائي عن معظم سكان غزة لفترات طويلة تتعدي الثماني ساعات يومياً ولا تزال المشكلة قائمة.
إصرار وعزيمة
ما أن ينطلق النداء لصلاة العشاء، حتى تهرع أفواج المصلين أطفالاً ونساء ورجالاً إلى المساجد التي تكاد تضيق باستيعاب المصلين، رغم الأوضاع الصعبة التي يحيياها أهالي غزة بسبب الحصار الظالم المتواصل للعام الخامس على التوالي.
الخماسيني أبو محمد السكافي يصر على أداء صلاة التراويح رغم كبر سنه، فيقول لـ "المركز الفلسطيني للإعلام": "لا أتخيل نفسي وأنا بهذا العمر أن يمر على شهر رمضان المبارك دون أن أودي صلاة التراويح كاملة، فهي زاد الروح والجسد، إضافة إلى أنها تضفى أجواء إيمانية خاصة".
ويضيف: "الأجر والثواب في رمضان كما تعلم مضاعف، ونحن نريد أن نختتم حياتنا بمرضاة الله، ولا نريد غضبه بل نطمع في مغفرته لذنوبنا، لذا أصر على أداء جميع النوافل والفرائض مهما كبرت أو صغرت".
سبب التسمية وحكمها
وسميت التراويح بهذا الاسم لأن الناس يستريحون فيها، فهم يصلون كل أربع ركعات ويستريحون بينها، وهذا يجعلهم يؤدون الصلاة بخشوع، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (جعلت قرة عيني في الصلاة) ، وقال: (قم يا بلال فأرحنا بالصلاة).
وفيما يتعلق بحكمها قيل سنة، وقيل فرض كفاية، وهي شعار من شعارات المسلمين في رمضان لم ينكرها إلا مبتدع، لقوله صلي الله وعليه وسلم: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف أية كتب من المقنطرين" رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني في صحيح الجامع، ولقوله :"أفضل الصيام بعد شهر رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"، رواه مسلم.
وفي هذا السياق، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (ولكن الرافضة تكره صلاة التراويح)، في حين يقول القحطاني رحمه الله في نونيته: "وصيامنا رمضان فرض واجب وقيامنا المسنون في رمضـان"، إن التراويـح راحـة في ليله ونشاط كل عويجز كســـلان"، "والله ما جعل التراويح منكـراً إلا المجوس وشيعـة الشيطان".
حرصاً على الأجر
مواطن آخر يتفق مع أبو محمد في الرأي فيقول: "صلاة العشاء والتراويح نؤديها مرة في السنة، ويحرص عليها الصغار قبل الكبار، فصحيح أنها سنة، ولكنها أصبحت من سمات ومميزات شهر المغفرة والرحمة والعتق من النيران، لأنها تشعر الإنسان بأجواء ونفحات رمضان رغم ارتفاع معدلات الحرارة بشكل جنوني.
ويضيف أبو العبد أسليم لـ "المركز الفلسطيني للإعلام" من سكان غرب غزة: "رغم انقطاع الكهرباء بشكل مستمر، لكنى بفضل الله احتمل هذا الجزء من الحر حرصاً مني على نيل المغفرة والثواب والعتق من النار بإذن الله"، مؤكداً أنه يشعر بالسكينة والطمأنينة وهو يؤديها في المسجد، مطالباً جميع المسلمين في كافة إنحاء المعمورة بالحرص بل بشد الرحال إلى صلاة القيام لما لها من ثواب وأجر كبير وعظيم.
وأثناء تجوالنا في مدينة غزة ، لفت نظر مراسلنا حديث طفلين صغيرين يتشاجران مع بعضهما البعض، وعند توجهنا إليهم لفض الاشتباك الدائر بينهما، ولمعرفة سبب المشكلة، قال أحمد شويخ: طلبت من صديقي محمود الذهاب معي للمسجد لكي نصلي صلاة التراويح ولكنه رفض وفضل الجلوس في الشارع كباقي الصغار، ولكني أصرت عليه للذهاب معي ولكنه رفض بشدة وهذا ما أدى إلى نشوب الشجار".
دعوات لاستغلال الوقت
وكان الشيخ العلامة السوري الجنسية راتب النابلسي، الذي سلب عقول وقلوب آلاف المسلمين، قد طالب الأمة العربية والإسلامية بعدم إضاعة وقتها في رمضان حتى لا يكونوا من المحرومين، قائلاً: عليهم بدء الصوم والعبادة من الفجر لينالوا الأجر الكبير، مؤكداً أن الإنسان لن يجد مشقة في رمضان، فالنفس البشرية مهيأة لاستقباله رغم حرارة الأجواء.
وأضاف: "علينا استغلال أوقاتنا بالصلاة والدعاء، فإن ربنا ينزل للسماء الدنيا في الثلث الأخيرة من الليل ويقول: "هل من طالب حاجة فأقضيها له هل من مستغفر فأغفر له، ولقوله صلي الله عليه وسلم: من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة".
في حين، قال النائب الدكتور سالم سلامة في مقال له: "احرص أيها المسلم على كثرة السجود في هذه الليالي العظيمة أي كثرة الصلاة وقيام الليل، لإعلاء درجاتك في الجنة، لما ورد عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "عليك بكثرة السجود، فإنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة".
بدوره يقول، المواطن أبو الوليد ضاهر من سكان غزة: "أحرص أنا وأخوتي في كل رمضان على أداء صلاة التراويح في المسجد"، مستدركاً: "رغم المشقة التي نواجهها هذا العام بسبب انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، إضافة إلى غليان الأجواء، ولكننا مصرون على أدائها، لأن رسولنا الكريم حثنا عليها ولا ننسى أيضا بأنها عبادة.
وأضاف لـ "المركز الفلسطيني للإعلام": "ما يميز رمضان عن باقي الأشهر هو صلاة التراويح، فهي عبادة وبدونها لا يكون هناك تمييز بينها وبين صلاة العشاء في أي شهر، لذا فنحن مطالبون بالحفاظ عليها قدر الإمكان وعدم التفريط بها لأي سبب كان".