ليست جريمة غسيل الأموال ظاهرة إنسانية فحسب , بل ظاهرة طبيعية تتلازم مع الحياة حيث وجدت , وهكذا نجد أن ظاهرة الإجرام ارتبطت في وجودها بنشأة المجتمعات المدنية. وأمام تشعب العلاقات الإنسانية على الصعيدين الوطني والدولي , وتطور حركية انتقال الأشخاص والأموال دون وجود حواجز فعلية تعيقها , ظهرت الجريمة الاقتصادية . وقد عرف الفقه الجريمة الاقتصادية بعدة تعار يف , اتفقت في مجملها على أنها "كل فعل أو امتناع عن علم يتضمن تهديدا للنظام العام الاقتصادي للدولة يجرمه القانون ويعاقب عليه." ومن صور الجرائم الاقتصادية , التي أصبحت مكافحتها تشكل تحديا بالنسبة للمغرب نظرا للصعوبات التي أصبح يفرضها نظام العولمة – جريمة تبييض أو غسل الأموال. فقد ظهرت العديد من التعاريف لغسيل الأموال في المدونة القانونية الدولية في العقدين الأخيرين , ويجب ان نشير الى ان هذا المصطلح أي غسيل الأموال الذي ترجم من اللغات الأجنبية , قد اصطلح عليه في اللغة الفرنسية -Blanchiment d’argent- في حين ان اللغة العربية استخدمت له أكثر من مصطلح مثل تبييض الأموال , الأموال الوسخة أو الأموال القذرة ويغلب مصطلح غسيل الأموال الذي أصبح الأكثر تداولا في الأدبيات القانونية والسياسية والاقتصادية . فغسيل الأموال يعني إضفاء مشروعية على مال مكتسب بطرق غير قانونية لتفادي الشكوك والمساءلات حوله. وهو نشاط إجرامي خطير , لا يقف عند حد امتلاك شخص لمال غير مشروع , وإدخاله في النظام المالي للدولة – هذا مفهومها البسيط- وهي في الحقيقة جريمة تتعدد أنماطها وتطال المسؤولية فيها من ارتكبها والمساهم فيها والمتدخل والمنتفع منها .
وكان تعريف دليل اللجنة الأوروبية لغسيل الأموال الصادر عام 1990 أكثر شمولا وتحديدا لعناصر غسيل الأموال من بين التعاريف الأخرى الواردة في المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية . ووفقا للدليل المذكور فإن غسيل الأموال هي عملية تحويل الأموال المحصل عليها من أنشطة جرمية بهدف إخفاء أو إنكار المصدر غير الشرعي أو المحظور لهذه الأموال أو مساعدة أي شخص ارتكب جرما ليتجنب المسؤولية القانونية عن الاحتفاظ بمتحصلات هذا الجرم". وفقا لهذا التعريف فإن غسيل الأموال بالمعنى البسيط هو إظهار المال الناتج من جرائم جنائية – كترويج المخدرات أو الإرهاب أو الفساد او غيرها بصورة أموال لها مصدر قانوني ومشروع.
وقد اتفق خبراء مجموعة العمل المالية الدولية » G.A.F.I « المنبثقة عن رؤساء الدول والحكومات الأكثر غنى أو ما يسمى » الجي سات 7 « Gورئاسة لجنة التجمعات الأوروبية المنعقد بباريس يومي 14 و15 يوليوز 1989 على أن مسلسل تبييض الأموال وتطوره التدريجي لا يمكن أن يتم إلا عن طريق ثلاثة مراحل أساسية , إما منفصلة ومتميزة عن بعضها البعض وإما متزامنة لهذه المراحل وهي:
1) التوظيف - Le placement – مرحلة إدخال المال في النظام المالي القانوني , حيث يقوم الجاني بالتخلص من كمية هائلة من النقود العينية علما منه بأن هذه الكميات النقدية يمكن لها ان تثير الانتباه عن مصدرها الغير مشروع (Provenance illicite) وهذه المرحلة ليست بالسهلة , لانها تتعلق بمهربين سيعملون إما على نقل أموال طائلة إلى شبابيك الابناك أو مؤسسات الائتمان وإما على تحويلها عن طريق العملة الصعبة إلى خارج الوطن . وتعتبر الابناك ومؤسسات الائتمان والمؤسسات التي تملك صلاحية حفظ الودائع , أهم عامل اتصال نقل الأموال.
2) مرحلة التكديس Alyering)) وهي مرحلة نقل وتبادل المال القذر ضمن النظام المالي الذي تم إدخاله فيه , ويتم نقل وتحويل حساب بنكي الى حساب بنكي آخر , وكل حساب من هذه الحسابات يتحول الى حساب مستقل بهدف الإسراع بإبعاد المال من مصدره الأصلي وأصبح يعتمد في هذا الشأن على شبكات من المواصلات المالية العالمية بين الابناك مثل شركة سويفت "Swift" وشركة شيبس "Chips" وتضم الشركة الأولى أكثر من 3800 بنكا موزعة على 94 دولة وتؤمن أكثر من 1.600.000 تحويل أموال وعقود مستندية في اليوم , وبفضل شبكات هذه الشركة , فإن أي مبلغ مالي يمكن له أن يعبر العالم كله في ظرف بضع ساعات. وتستعمل شركة سويفت رموز للتبليغ تدل على تحويلات الأموال والقروض المستندية والتاريخ ونوع العملة والمبلغ وكذلك أصل المال , وبفضل تقنية التكديس فإن هذه الأموال تندثر وتنقسم إلى أجزاء صغيرة وتوزع عبر مئات الحسابات ثم ما تلبث ان تجتمع في مجموعة ابناك معينة ليتم استعمالها بكل حرية. أما بخصوص شركة شيبس "والتي تعني غرف المقاصة لأساليب الأداء فيما بين الابناك " فإنها تعالج يوميا أكثر من 950 مليار دولار عن طريق تحرك وانتقال رؤوس الأموال لحساب أكثر من 122 بنكا عالميا .
3) مرحلة الإدماج: (Integration) وهي مرحلة دمج المال نهائيا بالأموال المشروعة لإنفاء المصدر القذر لها . ويستثمر هذا المال ويستعمل في الاقتصاد بصفة شرعية , ومسلسل الإدماج يعيد المواد المبيضة في الاقتصاد عن طريق إدماجها في المؤسسات البنكية لتظهر على أنها أرباح أو عائدات ناتجة عن معاملات تجارية شرعية.
قد يرى البعض أن غسيل الأموال عامل من عوامل الازدهار الاقتصادي في البلاد لأنه بفعل استثمار هذه الأموال في مشاريع تجارية وسياحية وصناعية وحرفية , تزدهر البلاد , وتنقص البطالة وتكثر اليد العاملة . إلا أن النتائج السلبية لغسيل الأموال أكثر من ايجابياته خصوصا تهريب أموال الدولة والتي هي في الحقيقة أموال الشعب , إلى الخارج من جهة , وضعف عقلية أصحاب الأموال غير المشروعة والذين لا يستثمرون أموالهم هذه إلا في القطاعات غير المنتجة كقطاع العقار. كما انه في اغلب الأحيان يلجأ أصحاب الأموال غير المشروعة إلى الزيادة في معدلات الاستهلاك وهذا يؤدي إلى انخفاض الادخار وينعكس على الناتج الوطني الإجمالي ويتحولون من فئات منتجة الى فئات غير منتجة وهو ما يؤدي حتما إلى اختلال التوازن الاقتصادي , ويتم توزيع الدخل الوطني توزيعا عشوائيا يؤدي في النهاية إلى توسيع الفجوة بين طبقات الشعب .
كما أن الأموال غير المشروعة تغدي النفقات الزائدة ويترتب عن هذا ارتفاع المستوى العام للأسعار الذي يؤدي بدوره الى التضخم المالي وتدهور القوة الشرائية للنقود وبالتالي انخفاض في قيمة العملة الوطنية . أمام كل هذه الآثار السلبية لجريمة غسيل الأموال يطرح السؤال التالي : "ما هي قدرة القواعد القانونية على مواجهة هذا النمط الإجرامي من الجرائم الاقتصادية خصوصا وان مرتكبيها لا تتوفر لديهم الصفات الجرمية المحددة في نظريات علم الإجرام ولكونها جريمة تتجاوز الحدود الجغرافية؟. إن بناء إطار قانوني لمكافحة جريمة غسيل الأموال لابد أن يكون واضح المعالم متسما بالشمولية والإحاطة , تتحقق من خلاله فعالية المكافحة وسلامة النتائج.
فهل سيتمكن القانون المغربي لمكافحة غسيل الأموال (رقم 43-05 الصادر بشأنه الظهير الشريف رقم 79-1-07 بتاريخ 17/04/2007 ) من الحد من تزايد الأرقام الفلكية لمبالغ الأموال التي تدخل في هذا الإطار ؟ .
إن قانون مكافحة غسيل الأموال يستهدف ملائمة القانون الجنائي المغربي مع اتفاقيات دولية وقع عليها المغرب وخاصة الاتفاقية المتعلقة بالجريمة غير الوطنية والاتفاقية المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب , وكذا توصيات مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال. وقد أعلن بنك المغرب على إحداث لجنة وطنية لمحاربة تزييف العملة . ومكن قانون مكافحة غسيل الأموال المذكور من توفير مقتضيات عامة تمكن من رفع السر المهني وحجز الأموال في إطار البحث عن العمليات المالية المشكوك في ارتباطها بنشاط التبييض , وفرض نظام المراقبة على المعاملات البنكية لأي زبون مشكوك في مصادر أمواله.
وقد تناول القانون عدة جوانب مثل حصر الجرائم وإقرار المسؤولية الجنائية , وإحداث وحدة مركزية للمعالجة المالية وتوسيع آليات التعاون مع السلطات الأجنبية التي لها اختصاصات مماثلة لوحدة المعلومات المالية المحدثة بموجبه , وبين القانون التداخل بين جريمتي الإرهاب وتمويله وغسيل الأموال , خاصة على مستوى إساءة استخدام القطاع المصرفي كقناة لنقل الأموال , ومدد تطبيق مقتضيات هذا القانون على الجرائم الإرهابية المنصوص عليها في القانون الجنائي . كما أعطى القانون الاختصاص لمحاكم الرباط للنظر في هذا النوع من القضايا وسن عقوبات زجرية حددت في مجال الغرامات ما بين 20 ألف درهم و3 ملايين درهم والحبس بين سنتين و5 سنوات إضافة الى العقوبات الأشد في حالة توفر عناصرها. يمكن القول أن المشرع المغربي حاول أن يضع قانونا عصريا ومتلائما مع الاتفاقيات الدولية , كما وضع قنوات واليات لمكافحة هذه الظاهرة . لا أحد ينكر ايجابية هذا العمل التشريعي لكن الحكم والجزم بذلك يتطلب مرور فترة زمنية للقول بأن هذا القانون سوف يطبق بحذافيره.
- هل سيطبق هذا القانون على جميع المسؤولين الذين يثبت تورطهم في قضايا فساد مالي ؟
- هل سيلزم أقارب المشتبه بهم في إقرار ذمتهم المالية ؟
- هل سيجد هذا القانون النظام الديموقراطي الحقيقي كي يطبق فيه؟
- هل سيكرس مبدأ الكل سواسية أمام القانون ؟
- هل يتوفر المغرب على قضاء متخصص ويتسم بنزاهة واسعة لتفعيل هذا القانون؟
- هل ستتمكن الأجهزة المكلفة بالبحث والتحري في مثل هذا النوع من الجرائم من مواجهة التحدي
الكبير الذي يشكله مجال الإثبات خصوصا وان الإلمام بتقنيات وأساليب التحقيق في جريمة غسيل الأموال يقتضي من المحقق التزود بعلوم شتى ومختلفة من قوانين جنائية – بنكية , قوانين المنافسة , قوانين مالية وضريبية وجمركية وغيرها ؟
- هل يمكن للجهات المختصة ان تتسم بالجرأة وتفصح عن الإحصائيات الحقيقية المتعلقة بالأرقام الفلكية للأموال غير المشروعة ؟
هذه الأسئلة وغيرها بعضها يطرح كإشكاليات وبعضها كعوائق لتطبيق هذا القانون, وتبقى النوازل والوقائع وطرق معالجتها عمليا وممارسة كفيلة بالإجابة عنها؟
وكان تعريف دليل اللجنة الأوروبية لغسيل الأموال الصادر عام 1990 أكثر شمولا وتحديدا لعناصر غسيل الأموال من بين التعاريف الأخرى الواردة في المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية . ووفقا للدليل المذكور فإن غسيل الأموال هي عملية تحويل الأموال المحصل عليها من أنشطة جرمية بهدف إخفاء أو إنكار المصدر غير الشرعي أو المحظور لهذه الأموال أو مساعدة أي شخص ارتكب جرما ليتجنب المسؤولية القانونية عن الاحتفاظ بمتحصلات هذا الجرم". وفقا لهذا التعريف فإن غسيل الأموال بالمعنى البسيط هو إظهار المال الناتج من جرائم جنائية – كترويج المخدرات أو الإرهاب أو الفساد او غيرها بصورة أموال لها مصدر قانوني ومشروع.
وقد اتفق خبراء مجموعة العمل المالية الدولية » G.A.F.I « المنبثقة عن رؤساء الدول والحكومات الأكثر غنى أو ما يسمى » الجي سات 7 « Gورئاسة لجنة التجمعات الأوروبية المنعقد بباريس يومي 14 و15 يوليوز 1989 على أن مسلسل تبييض الأموال وتطوره التدريجي لا يمكن أن يتم إلا عن طريق ثلاثة مراحل أساسية , إما منفصلة ومتميزة عن بعضها البعض وإما متزامنة لهذه المراحل وهي:
1) التوظيف - Le placement – مرحلة إدخال المال في النظام المالي القانوني , حيث يقوم الجاني بالتخلص من كمية هائلة من النقود العينية علما منه بأن هذه الكميات النقدية يمكن لها ان تثير الانتباه عن مصدرها الغير مشروع (Provenance illicite) وهذه المرحلة ليست بالسهلة , لانها تتعلق بمهربين سيعملون إما على نقل أموال طائلة إلى شبابيك الابناك أو مؤسسات الائتمان وإما على تحويلها عن طريق العملة الصعبة إلى خارج الوطن . وتعتبر الابناك ومؤسسات الائتمان والمؤسسات التي تملك صلاحية حفظ الودائع , أهم عامل اتصال نقل الأموال.
2) مرحلة التكديس Alyering)) وهي مرحلة نقل وتبادل المال القذر ضمن النظام المالي الذي تم إدخاله فيه , ويتم نقل وتحويل حساب بنكي الى حساب بنكي آخر , وكل حساب من هذه الحسابات يتحول الى حساب مستقل بهدف الإسراع بإبعاد المال من مصدره الأصلي وأصبح يعتمد في هذا الشأن على شبكات من المواصلات المالية العالمية بين الابناك مثل شركة سويفت "Swift" وشركة شيبس "Chips" وتضم الشركة الأولى أكثر من 3800 بنكا موزعة على 94 دولة وتؤمن أكثر من 1.600.000 تحويل أموال وعقود مستندية في اليوم , وبفضل شبكات هذه الشركة , فإن أي مبلغ مالي يمكن له أن يعبر العالم كله في ظرف بضع ساعات. وتستعمل شركة سويفت رموز للتبليغ تدل على تحويلات الأموال والقروض المستندية والتاريخ ونوع العملة والمبلغ وكذلك أصل المال , وبفضل تقنية التكديس فإن هذه الأموال تندثر وتنقسم إلى أجزاء صغيرة وتوزع عبر مئات الحسابات ثم ما تلبث ان تجتمع في مجموعة ابناك معينة ليتم استعمالها بكل حرية. أما بخصوص شركة شيبس "والتي تعني غرف المقاصة لأساليب الأداء فيما بين الابناك " فإنها تعالج يوميا أكثر من 950 مليار دولار عن طريق تحرك وانتقال رؤوس الأموال لحساب أكثر من 122 بنكا عالميا .
3) مرحلة الإدماج: (Integration) وهي مرحلة دمج المال نهائيا بالأموال المشروعة لإنفاء المصدر القذر لها . ويستثمر هذا المال ويستعمل في الاقتصاد بصفة شرعية , ومسلسل الإدماج يعيد المواد المبيضة في الاقتصاد عن طريق إدماجها في المؤسسات البنكية لتظهر على أنها أرباح أو عائدات ناتجة عن معاملات تجارية شرعية.
قد يرى البعض أن غسيل الأموال عامل من عوامل الازدهار الاقتصادي في البلاد لأنه بفعل استثمار هذه الأموال في مشاريع تجارية وسياحية وصناعية وحرفية , تزدهر البلاد , وتنقص البطالة وتكثر اليد العاملة . إلا أن النتائج السلبية لغسيل الأموال أكثر من ايجابياته خصوصا تهريب أموال الدولة والتي هي في الحقيقة أموال الشعب , إلى الخارج من جهة , وضعف عقلية أصحاب الأموال غير المشروعة والذين لا يستثمرون أموالهم هذه إلا في القطاعات غير المنتجة كقطاع العقار. كما انه في اغلب الأحيان يلجأ أصحاب الأموال غير المشروعة إلى الزيادة في معدلات الاستهلاك وهذا يؤدي إلى انخفاض الادخار وينعكس على الناتج الوطني الإجمالي ويتحولون من فئات منتجة الى فئات غير منتجة وهو ما يؤدي حتما إلى اختلال التوازن الاقتصادي , ويتم توزيع الدخل الوطني توزيعا عشوائيا يؤدي في النهاية إلى توسيع الفجوة بين طبقات الشعب .
كما أن الأموال غير المشروعة تغدي النفقات الزائدة ويترتب عن هذا ارتفاع المستوى العام للأسعار الذي يؤدي بدوره الى التضخم المالي وتدهور القوة الشرائية للنقود وبالتالي انخفاض في قيمة العملة الوطنية . أمام كل هذه الآثار السلبية لجريمة غسيل الأموال يطرح السؤال التالي : "ما هي قدرة القواعد القانونية على مواجهة هذا النمط الإجرامي من الجرائم الاقتصادية خصوصا وان مرتكبيها لا تتوفر لديهم الصفات الجرمية المحددة في نظريات علم الإجرام ولكونها جريمة تتجاوز الحدود الجغرافية؟. إن بناء إطار قانوني لمكافحة جريمة غسيل الأموال لابد أن يكون واضح المعالم متسما بالشمولية والإحاطة , تتحقق من خلاله فعالية المكافحة وسلامة النتائج.
فهل سيتمكن القانون المغربي لمكافحة غسيل الأموال (رقم 43-05 الصادر بشأنه الظهير الشريف رقم 79-1-07 بتاريخ 17/04/2007 ) من الحد من تزايد الأرقام الفلكية لمبالغ الأموال التي تدخل في هذا الإطار ؟ .
إن قانون مكافحة غسيل الأموال يستهدف ملائمة القانون الجنائي المغربي مع اتفاقيات دولية وقع عليها المغرب وخاصة الاتفاقية المتعلقة بالجريمة غير الوطنية والاتفاقية المتعلقة بمكافحة تمويل الإرهاب , وكذا توصيات مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال. وقد أعلن بنك المغرب على إحداث لجنة وطنية لمحاربة تزييف العملة . ومكن قانون مكافحة غسيل الأموال المذكور من توفير مقتضيات عامة تمكن من رفع السر المهني وحجز الأموال في إطار البحث عن العمليات المالية المشكوك في ارتباطها بنشاط التبييض , وفرض نظام المراقبة على المعاملات البنكية لأي زبون مشكوك في مصادر أمواله.
وقد تناول القانون عدة جوانب مثل حصر الجرائم وإقرار المسؤولية الجنائية , وإحداث وحدة مركزية للمعالجة المالية وتوسيع آليات التعاون مع السلطات الأجنبية التي لها اختصاصات مماثلة لوحدة المعلومات المالية المحدثة بموجبه , وبين القانون التداخل بين جريمتي الإرهاب وتمويله وغسيل الأموال , خاصة على مستوى إساءة استخدام القطاع المصرفي كقناة لنقل الأموال , ومدد تطبيق مقتضيات هذا القانون على الجرائم الإرهابية المنصوص عليها في القانون الجنائي . كما أعطى القانون الاختصاص لمحاكم الرباط للنظر في هذا النوع من القضايا وسن عقوبات زجرية حددت في مجال الغرامات ما بين 20 ألف درهم و3 ملايين درهم والحبس بين سنتين و5 سنوات إضافة الى العقوبات الأشد في حالة توفر عناصرها. يمكن القول أن المشرع المغربي حاول أن يضع قانونا عصريا ومتلائما مع الاتفاقيات الدولية , كما وضع قنوات واليات لمكافحة هذه الظاهرة . لا أحد ينكر ايجابية هذا العمل التشريعي لكن الحكم والجزم بذلك يتطلب مرور فترة زمنية للقول بأن هذا القانون سوف يطبق بحذافيره.
- هل سيطبق هذا القانون على جميع المسؤولين الذين يثبت تورطهم في قضايا فساد مالي ؟
- هل سيلزم أقارب المشتبه بهم في إقرار ذمتهم المالية ؟
- هل سيجد هذا القانون النظام الديموقراطي الحقيقي كي يطبق فيه؟
- هل سيكرس مبدأ الكل سواسية أمام القانون ؟
- هل يتوفر المغرب على قضاء متخصص ويتسم بنزاهة واسعة لتفعيل هذا القانون؟
- هل ستتمكن الأجهزة المكلفة بالبحث والتحري في مثل هذا النوع من الجرائم من مواجهة التحدي
الكبير الذي يشكله مجال الإثبات خصوصا وان الإلمام بتقنيات وأساليب التحقيق في جريمة غسيل الأموال يقتضي من المحقق التزود بعلوم شتى ومختلفة من قوانين جنائية – بنكية , قوانين المنافسة , قوانين مالية وضريبية وجمركية وغيرها ؟
- هل يمكن للجهات المختصة ان تتسم بالجرأة وتفصح عن الإحصائيات الحقيقية المتعلقة بالأرقام الفلكية للأموال غير المشروعة ؟
هذه الأسئلة وغيرها بعضها يطرح كإشكاليات وبعضها كعوائق لتطبيق هذا القانون, وتبقى النوازل والوقائع وطرق معالجتها عمليا وممارسة كفيلة بالإجابة عنها؟