حتى وقت قريب كان الحجاب والنقاب هما أكثر الرموز الإسلامية في غرب أوروبا استهدافا من جانب القوى والتيارات المعادية للإسلام، كما تظهر تقارير العديد من المنظمات غير الحكومية والأوروبية.
غير أن ما حدث يوم 29 نوفمبر 2009 في سويسرا قد يؤدي إلى تغيير هذه الصورة النمطية، فقد أسفر الاستفتاء الذي جرى في هذا اليوم بمبادرة من أحزاب يمينية متطرفة عن تصويت 57.4% من السويسريين لصالح حظر بناء المآذن في بلاد جبال الألب التي عرفت لعقود طويلة باحترامها للحريات العامة.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ سرعان ما أعربت قوي يمينية مناهضة للوجود الإسلامي في بلدان أوروبية أخرى كهولندا وإيطاليا وألمانيا عن اعتزامها التحرك لفرض حظر مماثل في هذه الدول وصولا إلى الهدف الأكبر: "أوروبا بلا مآذن".
وإزاء هذه التطورات بادر مسلمو أوروبا إلى دق ناقوس الخطر لدرجة التحذير من ملامح "حرب عنصرية" ضدهم "ترتدي ثوب الديمقراطية" وتنذر بـ"مرحلة اضطهاد وتضييق" على حقوق المسلمين في القارة العجوز، تذكر بما تعرض له اليهود على يد النازي قبل نحو 70 عاما، كما جاء على لسان رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية بأوروبا.
أما الحكومات الغربية التي طالما رفض قسم منها حظر الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم بدعوى أنها تندرج تحت خانة حرية التعبير ووجهت الانتقادات لدول مسلمة بدعوى عدم احترامها للحريات الدينية، فلم تحرك ساكنا هذه المرة ضد هذا الحظر الذي لا يجد المنصف عناء في تصنيفه كإجراء مقيد للحريات، فيما اكتفى قسم آخر منها بإصدار البيانات التي تشجب وتنتقد على غرار معظم ما صدر من بيانات وتصريحات في العالم الإسلامي ومن جانب منظمات حقوقية دولية وأممية.
ولئن ذهبت معظم التحليلات إلى تفسير التأييد الذي حظيت مبادرة حظر المآذن في سويسرا إلى ظاهرة الخوف المرضي من الإسلام والعداء لهذا الدين في الغرب لأسباب عدة أو للجهل بحقيقة الإسلام وروحه السمحة، فضلا عن إجادة اليمين السويسري تكتيكات حشد وتعبئة الجماهير ضد المسلمين والتخويف من الإسلام مقابل غياب حملة دعائية مضادة مؤثرة من المسلمين والقوى الرافضة لحظر المآذن، فإنه مما لا شك فيه أن نتيجة استفتاء 29 نوفمبر 2009 أثارت الشكوك والمخاوف حول مستقبل التعايش بين المسلمين وغير المسلمين في أوروبا بوجه عام.