المــقدمــــــــة
بالنظر إلى حال مجتمعات العالم الإسلامي اليوم نلاحظ أنها تواجه أكثر من مشكلة داخلية وخارجية تدفع بالواقع الذي تتحرك فيه إلى بعض الاختلال والاهتزاز في حركة إنسانها، في ذاته، في تصوراته، وآفاقه وعلاقاته بالحياة، وبالآخرين. كما أنها تواجه على الصعيد الخارجي تحديات كبرى وجمة وعلى مستويات مختلفة (ثقافية اجتماعية سياسية اقتصادية).
فحال مجتمعات عالمنا الإسلامي هاته،تجعلها متخلفة بكثير عن رؤى الإسلام الحضاري، الذي يرفض التخلف والسكون والخرافة والتحرك في الهوامش الجزئية ولاسيما هوامش التاريخ. التي لا علاقة لها بعمق العقيدة وبأصول الشريعة وبأصالة الأفكار فضلا عن العيش في الماضي والاستغراق في خلافاته بالدرجة التي تجعلها تغفل عن تحديات الحاضر والتي تبعدها كأمة إسلامية عن موقع الوحدة وحركة الفعل الحضاري في الواقع الإنساني العالمي.
لقد كانت هذه هي الإشكالية الكبرى التي شغلت ذهن المفكر الإسلامي العالمي "مالك بن نبي" وتحركت حولها ومن خلالها اهتماماته المعرفية، حيث أن منتوجه الفكري الذي صنف تحت عنوان ( مشكلات الحضارة ) يدور بالأساس حول إشكالية واحدة وهامة مفادها سبب تخلفنا وسبل الخروج من مستنقع التخلف.
واختيارنا لمالك بن نبي وإسقاط مشروعه الحضاري على راهن الأمة في بحثنا هذا لم يكن وليد الصدفة بل انه كان نتيجة لاعتبار"مالك " آخر ما أنتجته حقبة النهضة. وبالتالي فانه يضم خلاصة تلك المحاولات النهضوية الأصيلة، ولكون زمن الصحوة لم يخلف لنا مشروع جذري يمكن مسائلته حول انشغالاتنا الحضارية الراهنة وقد يبدو للبعض من الوهلة الأولى أننا نتناول هذا المشروع بالسرد كمنتوج جاهز مسلم به مسبقا غير انه وأثناء التتبع الجدي للإشكالات التي نطرحها،فانه يجدها تمتد إلى مرحلة ما قبل الإنتاج(ما قبل التسليم) في محاولة جادة لتصفية هذا المشروع واختبار قدرته على الثبات والمواجهة أمام الانتقادات التي نحاول من خلال دفعها بطريقة لا يشعر فيها القارئ بأننا في حالة نقد، من اجل إحداث ديناميكية من شانها أن تحرك المشروع وذلك بتوظيف تصور شبيه بتصورات العلم البيولوجي.
وإذا كنا أمام مفكر ينحدر من خلفيات علمية أكثر منها فلسفية فإننا بدورنا نفرض عليه تصورا علميا يقترب من علم الطب، عندما نعوض حالة العالم الإسلامي المتخلفة والمنهكة بالمشاكل والأزمات في صورة كائن إنساني مثقل جسده بالأمراض والعلل وأما مالك بن نبي ومشروعه الحضاري فبمثابة الطبيب ومحاولته الطبية لمعالجة هذا المريض في محاولة منا لتقديم قراءة جديدة للمشروع البنابوي بهدف رصد أفكاره الإجرائية والبحث عن سبل تفعيلها فنحرر بذالك فكر الرجل من رتابة الدراسات الأكاديمية بغية تغير واقعنا المتخلف هذا طبعا في حدود ما تسمح به القدرات الفكرية لطالبين متكونين في أكاديمية لا تخرج هي الأخرى عن مجال التخلف.
ووفقا لما أقريناه آنفا فانه وحسب الخطوات الاعتيادية التي يسلكها الطبيب البدء بتشخيص الأعراض وإبراز مكمن الداء الجوهري والأصلي للمرض بعدها تأتي مرحلة تقديم الوصفة الطبية المناسبة للقضاء على هذا المرض والتخلص منه نهائيا ولكن هناك احتمال لأْن تحدث قطيعة بين المريض والوصفة والمتأمل لهذا الوضع لبد من أن تتسلل إلى ذهنه ثلاث إشكاليات ملحة هي:
لماذا هذا المرض وما هي أعراضه؟
ما هي سبل التعافي منه (الوصفة )؟
ما هي المعوقات التي حالت دون تناول المريض للوصفة وكيف يمكن تفعيلها ؟
وبالطريقة التعويضية في سياق هذه الأسئلة التمثيلية على المشروع البنابوي وتحدياته في الواقع المعاش –راهن الأمة- نطرح الإشكالات الملحة التالية:
لماذا نحن متخلفون في نظر مالك بن نبي ؟
وما هو المشروع الحضاري الذي يقدمه لحل مشكلة التخلف؟
ثم ما هي المعوقات التي حالت دون تطبيق هذا المشروع على محور طنجة جاكرتا وما هي ميكانيزمات وآليات تفعيله راهنا؟
ومن اجل تقديم إجابات عن التساؤلات السالفة تطلب منا البحث تقسيمه إلى ثلاثة فصول، بالإضافة إلى الفصل التمهيدي الذي تناول التعريف بالمفكر وأثاره، ومؤثراته الفكرية حيث عنون الفصل الأول ب"تشخيص مالك بن نبي لواقع العالم الإسلامي المعاصر" تم فيه التطرق لإبراز سمات التخلف وسببه ،أما الفصل الثاني والذي كان عنوانه "تصور مالك بن نبي لمستقبل العالم الإسلامي كما يجب أن يكون "فتم فيه رصد التدابير الإجرائية التي يقترحها بن نبي للتخلص من وضعنا المتخلف. في حين تناول الفصل الثالث والأخير المعنون ب"جدوى مشروع مالك بن نبي الحضاري "أهم المعوقات التي حالت دون تطبيق مشروع مالك بن نبي بالإضافة إلى محاولة في تفعيله وختاما لكل هذا جاءت خاتمة البحث في شكل وثيقة تقنية ترصد أهم الأفكار المستخلصة من الدراسة.
وقد تنوع المنهج المتبع حسب طبيعة كل فصل فكان وصفيا سرديا في الفصلين الأول والثاني والتمهيدي بينما كان تحليليا في الفصل الثالث.
بالنظر إلى حال مجتمعات العالم الإسلامي اليوم نلاحظ أنها تواجه أكثر من مشكلة داخلية وخارجية تدفع بالواقع الذي تتحرك فيه إلى بعض الاختلال والاهتزاز في حركة إنسانها، في ذاته، في تصوراته، وآفاقه وعلاقاته بالحياة، وبالآخرين. كما أنها تواجه على الصعيد الخارجي تحديات كبرى وجمة وعلى مستويات مختلفة (ثقافية اجتماعية سياسية اقتصادية).
فحال مجتمعات عالمنا الإسلامي هاته،تجعلها متخلفة بكثير عن رؤى الإسلام الحضاري، الذي يرفض التخلف والسكون والخرافة والتحرك في الهوامش الجزئية ولاسيما هوامش التاريخ. التي لا علاقة لها بعمق العقيدة وبأصول الشريعة وبأصالة الأفكار فضلا عن العيش في الماضي والاستغراق في خلافاته بالدرجة التي تجعلها تغفل عن تحديات الحاضر والتي تبعدها كأمة إسلامية عن موقع الوحدة وحركة الفعل الحضاري في الواقع الإنساني العالمي.
لقد كانت هذه هي الإشكالية الكبرى التي شغلت ذهن المفكر الإسلامي العالمي "مالك بن نبي" وتحركت حولها ومن خلالها اهتماماته المعرفية، حيث أن منتوجه الفكري الذي صنف تحت عنوان ( مشكلات الحضارة ) يدور بالأساس حول إشكالية واحدة وهامة مفادها سبب تخلفنا وسبل الخروج من مستنقع التخلف.
واختيارنا لمالك بن نبي وإسقاط مشروعه الحضاري على راهن الأمة في بحثنا هذا لم يكن وليد الصدفة بل انه كان نتيجة لاعتبار"مالك " آخر ما أنتجته حقبة النهضة. وبالتالي فانه يضم خلاصة تلك المحاولات النهضوية الأصيلة، ولكون زمن الصحوة لم يخلف لنا مشروع جذري يمكن مسائلته حول انشغالاتنا الحضارية الراهنة وقد يبدو للبعض من الوهلة الأولى أننا نتناول هذا المشروع بالسرد كمنتوج جاهز مسلم به مسبقا غير انه وأثناء التتبع الجدي للإشكالات التي نطرحها،فانه يجدها تمتد إلى مرحلة ما قبل الإنتاج(ما قبل التسليم) في محاولة جادة لتصفية هذا المشروع واختبار قدرته على الثبات والمواجهة أمام الانتقادات التي نحاول من خلال دفعها بطريقة لا يشعر فيها القارئ بأننا في حالة نقد، من اجل إحداث ديناميكية من شانها أن تحرك المشروع وذلك بتوظيف تصور شبيه بتصورات العلم البيولوجي.
وإذا كنا أمام مفكر ينحدر من خلفيات علمية أكثر منها فلسفية فإننا بدورنا نفرض عليه تصورا علميا يقترب من علم الطب، عندما نعوض حالة العالم الإسلامي المتخلفة والمنهكة بالمشاكل والأزمات في صورة كائن إنساني مثقل جسده بالأمراض والعلل وأما مالك بن نبي ومشروعه الحضاري فبمثابة الطبيب ومحاولته الطبية لمعالجة هذا المريض في محاولة منا لتقديم قراءة جديدة للمشروع البنابوي بهدف رصد أفكاره الإجرائية والبحث عن سبل تفعيلها فنحرر بذالك فكر الرجل من رتابة الدراسات الأكاديمية بغية تغير واقعنا المتخلف هذا طبعا في حدود ما تسمح به القدرات الفكرية لطالبين متكونين في أكاديمية لا تخرج هي الأخرى عن مجال التخلف.
ووفقا لما أقريناه آنفا فانه وحسب الخطوات الاعتيادية التي يسلكها الطبيب البدء بتشخيص الأعراض وإبراز مكمن الداء الجوهري والأصلي للمرض بعدها تأتي مرحلة تقديم الوصفة الطبية المناسبة للقضاء على هذا المرض والتخلص منه نهائيا ولكن هناك احتمال لأْن تحدث قطيعة بين المريض والوصفة والمتأمل لهذا الوضع لبد من أن تتسلل إلى ذهنه ثلاث إشكاليات ملحة هي:
لماذا هذا المرض وما هي أعراضه؟
ما هي سبل التعافي منه (الوصفة )؟
ما هي المعوقات التي حالت دون تناول المريض للوصفة وكيف يمكن تفعيلها ؟
وبالطريقة التعويضية في سياق هذه الأسئلة التمثيلية على المشروع البنابوي وتحدياته في الواقع المعاش –راهن الأمة- نطرح الإشكالات الملحة التالية:
لماذا نحن متخلفون في نظر مالك بن نبي ؟
وما هو المشروع الحضاري الذي يقدمه لحل مشكلة التخلف؟
ثم ما هي المعوقات التي حالت دون تطبيق هذا المشروع على محور طنجة جاكرتا وما هي ميكانيزمات وآليات تفعيله راهنا؟
ومن اجل تقديم إجابات عن التساؤلات السالفة تطلب منا البحث تقسيمه إلى ثلاثة فصول، بالإضافة إلى الفصل التمهيدي الذي تناول التعريف بالمفكر وأثاره، ومؤثراته الفكرية حيث عنون الفصل الأول ب"تشخيص مالك بن نبي لواقع العالم الإسلامي المعاصر" تم فيه التطرق لإبراز سمات التخلف وسببه ،أما الفصل الثاني والذي كان عنوانه "تصور مالك بن نبي لمستقبل العالم الإسلامي كما يجب أن يكون "فتم فيه رصد التدابير الإجرائية التي يقترحها بن نبي للتخلص من وضعنا المتخلف. في حين تناول الفصل الثالث والأخير المعنون ب"جدوى مشروع مالك بن نبي الحضاري "أهم المعوقات التي حالت دون تطبيق مشروع مالك بن نبي بالإضافة إلى محاولة في تفعيله وختاما لكل هذا جاءت خاتمة البحث في شكل وثيقة تقنية ترصد أهم الأفكار المستخلصة من الدراسة.
وقد تنوع المنهج المتبع حسب طبيعة كل فصل فكان وصفيا سرديا في الفصلين الأول والثاني والتمهيدي بينما كان تحليليا في الفصل الثالث.