مقدمة عن التنظيم الإداري
المصدر : المتحدة للبرمجيات - إعداد / ثروت شلبى
تتباين و تختلف مفاهيمنا عن التنظيم – و رغم كثرة الدراسات التي تمت في مجالات التنظيم إلا أن الاختلاف لا يزال قائماً .
و يستخدم البعض كلمة " تنظيم " بمعنى تخطيط فيقولون مثلاً " تنظيم الأسرة " و هم يقصدون " تخطيط الأسرة" و يستخدم البعض الآخر كلمة تنظيم بمعنى ترتيب فيقولون مثلاً " تنظيم المرور " أو تنظيم الدخول و الخروج أو تنظيم الوقوف في الطابور و يستخدم بعض المديرين و رجال الأعمال كلمة تنظيم بمعنى تصميم الهيكل التنظيمي فهم ينظرون إلى التنظيم على انه تلك العملية المتعلقة بعمل خرائط الهيكل التنظيمي .
و إذا زادت الصراعات بين الناس في جهة عمل ما ( حكومة ، شركة ، هيئة ) فإن الأصوات تعلو مطالبة " بإعادة التنظيم " و مفهومهم هنا إعادة رسم خريطة الهيكل التنظيمي . و إذا انتقلنا من واقع الممارسة إلى القاموس نجد أن كلمة ORGANIZATION تعني تنظيماً أو نظاماً أو منظمة ( المورد ). و أيضاً نجد كلمة تنظيم بمعنى هيئة أو نظام أو مجتمع منظم أما الفعل ينظم فيذكر ( أكسفور) :
يجعله ذا بنية عضوية .
يجعله شيئاً حياً .
يعمل ترتيبات معينة .
و إذا تركنا كل ذلك جانباً و انتقلنا إلى علماء التنظيم فنجد اختلافات كثيرة بين هؤلاء العلماء . و فيما يلي أهم تلك الأداء :
o التنظيم هو تزويد " الكيان المعين " بكل شئ مفيد للقيام بوظيفة مادياً أو بشرياً ( هنري فويل).
o التنظيم هو شكل أو تجمع إنساني يهدف إلى تحقيق هدف مشترك على أساس يحوى كل مبادئ التنظيم .
فالتنسيق هو : الترتيب المنظم للمجهودات الجماعية من أجل الوصول إلى وحدة النشاطات سعياً إلى تحقيق هدف مشترك ( جيمس موني) .
التنظيم هو عملية تصميم أساسها تقسيم العمل و تحديد المسئوليات و السلطات و العلاقات الناشئة من تقسيم العمل لتحقيق التنسيق اللازم لبلوغ الهدف المحدد ( لبدال إيرويك ) .
o التنظيم هو تقسيم و تجميع العمل الواجب تنفيذه في وظائف مفردة ثم تحديد العلاقات المقررة بين الأفراد الذين يشغلون هذة الوظائف . ( وليام نيومان)
o التنظيم هو منظمة بمعنى نظام System ( وليم سكوت )
o يفهم البعض كلمة تنظيم على أنها "إدارة " فنجد مثلاً أحد الكتاب الفرنسيين و اسمه ( لــ . شاتيير) قد ترجم كتاب فر يدريك تيلور " الإدارة العلمية " و أعطاه اسما بعنوان التنظيم العملي للعمل .
o استخدم الدكتور " محمد فؤاد مهنا " كلمة التنظيم ليعبر عن الإدارة في عدة مواقع من بحث بعنوان " وسائل تطوير مناهج العلوم الإدارية " عام 1971
يتردد دائماً سؤال هل الإدارة علم أم فن ؟ و قد أجاب علماء الإدارة على هذا السؤال إجابات كثيرة و كان لها معنى واحد .
و هو أنه نتيجة للخبرة العملية للمديرين في المشروعات و جهود علماء الإدارة العلمية تم بناء هيكل للنظرية الإدارية و أصبحت الإدارة علماً من العلوم الاجتماعية و الإنسانية حيث أنها تتعامل أولاً و أخيراً مع الأفراد .
و علم الإدارة يقوم على أصول و مبادئ علمية سليمة و صحيحة من الناحية المنطقية و العملية ، غير أنه في ظروف إنسانية معينة قد يحتاج الأمر إلى مهارة المدير في التطبيق و قد يحتاج الأمر إلى تطوير لهذة المبادئ و الأصول العلمية بما يتوافق و ظروف الأفراد و المجتمعات المختلفة .
و هذا هو الجانب الفني في الإدارة ، أي المهارة و الخبرة الشخصية للمدير و التي تظهرها و تفجرها الخبرة العلمية – إذن فدراسة على الإدارة أساس ضروري لتكوين الكوادر الإدارية . و لا شك أن التنظيم الإداري الذي يمارس من خلاله المدير وظيفته الإدارية هو الإطار الذي يمارس من خلاله المدير مهاراته و قدراته الإدارية كما أن التنظيم هو الكيان الذي يستمد منه المدير سلطاته الإدارية المناسبة لمركزه الإداري ، أي أن التنظيم الجيد هو الذي يوفر إمكانية الاتصال و السيطرة و انسياب المعلومات بين وحداته الأخرى ، حتى تتحقق الأهداف المرجوة و التي يعمل كافة أفرادها على تحقيقها .
و من المتعارف عليه أن أعادة التنظيم و تعديله مع توضيح بشكل أكبر دقة خطوط السلطة و المسئولية في ضوء الأهداف العامة للمنظمة هو من أنجح الحلول للمشكلات الإدارية التي تظهرها الدراسات الاستشارية المعاصرة .
أنواع التنظيم و تطورها (جدول)
o نموذج رب الأسرة
بداية التنظيم خلق الإنسان لأن أي إنسان لا يستطيع أن يؤدي أي عمل أكبر من قدرته بمفرده بل يستعين بإنسان آخر يساعده على تأدية العمل و في بداية العلاقات في التجمعات البشرية كان رب الأسرة هو الذي يصدر الأمر لأفراد الأسرة لتأدية الأعمال ثم تنتقل الرياسة إلى باقي أفراد الأسرة حسب كبر السن . و لم ينجح هذا النموذج في استخدام العمل بانتظام بسبب التمرد و عدم الطاعة لرب الأسرة .
o ظهور النموذج الكاريزمي
ظهرت بعض الشخصيات في التجمعات البشرية و نجحت في تأدية الأعمال و تحقيق الأهداف بسبب تمتعها بصفات شخصية ذهنية و عضلية تجعل الآخرين يدينون لهم بالطاعة و لكن لم ينجح هذا النموذج القائم على العلاقات التقليدية لأن الشخص الكاريزمي لجماعة معينة لا يصلح لجماعة أخري و أيضاً لا يصلح لنفس الجماعة بمرور الزمن لتغير الاتجاهات البشرية .
o ظهور النماذج الإدارية المعاصرة
بدأ ظهور النماذج الإدارية المعاصرة ( المدارس الإدارية ). بظهور نموذج الإدارة العلمية التي ركزت على زيادة الإنتاج فقط و زيادته لصالح رجال الأعمال – و من رواد هذة المدرسة ( فر يدريك تيلور ) و قد تم نشر كتابه ( أصول الإدارة العلمية ) عام 1911. و قد تم نقد هذه النظرية لأنها أغفلت العنصر الإنساني و البيئة الاجتماعية خارج المنظمة و داخلها .
o ظهور مدرسة العلاقات الإنسانية
نتيجة للانتقادات الحادة للإدارة العلمية تمت الدراسات في الحاجات الاجتماعية و النفسية للفرد العامل و مشاعر الأفراد و الحوافز الاجتماعية و علاقتها بزيادة الإنتاج و بذلك ظهرت مدرسة العلاقات الإنسانية – و تطالب هذة المدرسة بعد استخدام العنف الإداري و الشدة و استخدام الأسلوب الإنساني في الإدارية ة التلطف بدلاً من التسلط و القهر – و الاهتمام بالجانب الاجتماعي و من رواد هذة المدرسة الإنسانية ( التون مايو و العالمة باركر فوليت ) .
و قد ظهر أيضاً لهذة المدرسة انتقادات كثيرة لأنها اهتمت بالجانب الاجتماعي ة الإنساني و المعاملة الحسنة فقط و أهملت التنظيم الرسمي للمنظمة الإدارية و لم تهتم بالعلاقة بين السلطة و العاملين ، و أهملت تأثير البيئة الاجتماعية .
o ظهور النظام البيروقراطي
ظهر النظام البيروقراطي الإداري و العسكري و الديني و الصناعي في أوائل القرن العشرين بظهور نظرية البيروقراطية للعالم ماكس وبر و ذلك للانتقادات التي وجهت للنظريات السابقة و اعتمدت هذة النظرية على مجموعة القواعد و النظم التي تحدد موقع الفرد و سلطته على الآخرين .
وهذة القواعد لها صفة الاستمرارية و لا علاقة لها بالأشخاص و ميولهم الشخصية بل يمارسون سلطاتهم من خلال الموقع في مكاتب مخصصة لهم و من هنا كان تعبيره الذي أطلقه فيما يتعلق بكلمة ( بيروقراطية ) أي الجالسون على المكاتب أي ( مكاتب تحكم مكاتب ) – و من أهم خصائص النظام البيروقراطي الرشيد : السلطة المتدرجة في المستويات الإدارية من العليا إلى الدنيا ( الهرم الإداري ) و الصلة بين أفراد التنظيم تكون رسمية و غير شخصية حيث يعتمد على القوانين و اللوائح في الهيكل التنظيمي –الطاعة هي طاعة مناصب و ليست طاعة أشخاص و جاء نقد هذة النظرية لأنها لا تبيح الحرية للفرد في العمل و أنها تفيد الحركة و الابتكار و تركز على السلطة الرسمية في المنظمة الإدارية و جعلها هي السلوك الأساس الذي يحرك الفرد – و تجعل الفرد يسلك داخل العمل كممثل يتقمص شخصية داخل التنظيم الإداري لتأدية دور معين ( لا يخرج على النص ).
و بالرغم من ذلك فإن النظام البيروقراطي تحدى الزمن كالهرم الأكبر و كأنه من عجائب الدنيا و أثبت قابليته للتطبيق على مستوى العالم أجمع إذا تم تطبيقه بصورة صحيحة و تحول العالم أجمع منذ الأربعينات إلى أهرمات وظيفية في التنظيمات الإدارية .
o ظهور النموذج الديمقراطي ( الإدارة بالمشاركة )
بدأ ظهور النموذج الديمقراطي في الإدارة بظهور علماء النفس الاجتماعي و نماذج التطوير الخاصة بحاجات الفرد الفسيولوجية و الأمنية و الاجتماعية و الذاتية لتحقيق الذات . و من علماء نماذج ترتيب الحاجات الإنسانية (إبراهام مازلو ) و ( لويس بارنس ) حيث قام ( إبراهام مازلو ) بترتيب الحاجات الإنسانية على شكل هرم قاعدته الحاجة الفسيولوجية و تتدرج تلك الحاجات ارتفاعاً حتى تصل إلى قمة الهرم حيث توجد حاجة الإنسان لتحقيق الذات و ذلك كما يظهر في الشكل التالي
و قد ظهرت اعتراضات كثيرة على هذة النظرية أهمها تعارض أهداف الإدارة و أهداف العاملين مما أدي إلى تعثر التطبيق و الممارسة لأن فلسفة الإدارة بالمشاركة تقلل صلاحيات رجال الأعمال و تزيد من صلاحيات العاملين
o ظهور نظرية تحليل الأنظمة ( الإدارة بالنظم )
مع تعاظم الإحساس بأهمية المعلومات و ما تلعبه من دور حيوي و هام في حياة المنظمات و الهيئات ظهرت أحدث النظريات السلوكية في علم الإدارة حيث ظهرت نظرية تحليل الأنظمة في بداية الستينات ..