نعم لا تتعجب من هذا إنها امرأة ( لكن ) لو وزِنت بألف رجل لوزنتهم والله .. إنها امرأة ( لكن ) لو كان لنا مثلها رجال لكان النصر حليفنا بإذن الله .
إنها امرأة ( لكن ) لا يقارن بها رجال فضلا عن نساء مثلها .. إنها امرأة ( لكن ) ضحَّت بنفسها .. فأين أنتم يا مسلمون عن فعلها .. إنها امرأةٌ ( لكن ) باعت نفسها بل وأبناءها وزوجها في سبيل الله فأين منها أمهاتٌ وآباءٌ وأبناء .. إنها امرأةٌ ( لكنها ) امرأةٌ سبقها بعضُ أجزاءٍ من جسدها إلى الجنة .
عمَّن أتحدَّث ، مَن هذه المرأة ، إنها المرأة ألتي أطاقت ما لم يطقه فُحول الرجال ، إنها المرأة التي فعلت الأفاعيل بالأعداء ، وصنعت المجد ببذل العطاء والصبر عند البلاء وضخ الدماء وتقطيع لأشلاء ليرضى من له مافي الأرض وما في السماء ..
إنها امرأة ( لكن ) .. عجز عن فعلها كثير من الرجال !! فيا لله ما أعظم قدرها وأجلَّ فعلها .. إنها الفاضلة المجاهدة نسيبة بنت كعب ( أم عمارة ) رضي الله عنها وأرضاها .
شهدت بيعة العقبة وأحد والحديبية واليمامة .. وقفت يوم أحدٍ موقفاً أعيى الأبطال ، وأبهر الرجال ، اِسمع لأمِّ عمارة وهي تحدثك .. تقول رضي الله عنها : ( رأيتني وانكشف الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بقي إلا نفرٌ قليل ما يُتِمُّون عشرة ، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذُبُّ عنه ، والناس يمُرُّون به منهزمين ، ورآني ولا تِرْس معي ، فرأى رجلاً مُوّلِّياً ومعه تِرس ، فقال : القِ تِرسَك إلى من يقاتل ، فألقاه ، فأخذته فجعلت أتّرّس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل ، لو كانوا رجّالة مثلنا - أي على أقدامهم - أصبناهم إن شاء الله ..
فيُقبِل رجلٌ على فرسٍ فيضربني وتترّست له ، فلم يصنع شيئا وولَّى ، فأضرب عرقوب فرسه ، فوقع على ظهره ، فجعل النبي يصيح ( يا أبن أم عمارة أمك أمك ) .. قالت فعاونني عليه حتى أوردته شعوب - أي الموت - ) .. فعلاً لقد قامت لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم مقامَا خيرا من مقام كثيرٍ من الرجال ..
br /
لقد ضرَبت أمُّ عِمارة مثالاً لتقفَ الأجيال النائمةُ أمامه لعلها تستيقظ من غفلتها .. وتتعلم من أم عمارة تضحيتها ، يوم أحد كان المشركون قد تجمعوا وصوَّبوا سهامهم ووحدوا هجومهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه ، لكن هيهات هيهات :
ما علموا أن ثمَّة أم عمارة هناك ، فوالله ما كان الخطر يدنو من المصطفى إلا وأمُّ عِمارة دونه حتى قال الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه : ( ما التفتُّ يميناً ولا شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني ) .
وقال فيها الحبيب - جعلنا الله من أهل سنته - لمَّا رأى شدة بأس هذه المرأة في القتال والثبات والعزيمة قال : ( من يُطيقُ ما تُطيقينَ يا أمَّ عِمارة ) .
أُمُّ عمارة .. ضرب رجُل ابنها بالسيف فجرحه فأبت أن تتركه حتى قتلته واستقادت منه .. ( فرآها النبي صلى الله عليه وسلم وتبسَّم حتى بدت نواجذه وقال : ( استقدتِّ يا أم عِمارة ) وقال : ( الحمد لله الذي أظفرك ، وأقرَّ عينك من عدوك ، وأراك ثأرك بعينك ) .
لقد استحقَّت أُمُّ عِمَارة أن يُعلَّق عليها وِسام أغلى من كل الأوسمة الدنيوية ، قال فيها النبي وفي أبنائها : ( اللهم أجعلهم رفقائي في الجنة ) فهنيئاً ثم هنيئا يا أم عمارة .
لم تَكَلّ ولم تَمَلَّ أمُّ عِمارة بعد موت الحبيب .. بل استمرت في جهادها وبذلها .. حتى قاتلت يوم اليمامة .. وجرحت اثنا عشر جرحاً وقُطِّعت يدها وهي عجوز مُسِنَّة .
فلو كان النساء كمثل هذي ** لفضلت النساء على الرجال
فما التأنيث لاسم الشمس عيب ** ولا التذكير فخر للهلال
ماذا أقول يا أمة محمد .. لو نظرت إليكم أم عِمارة وأنتم في الملاعب والنوادي .. والأمة تنتهك أعراضها في كل مكان ، والمسجد الأقصى يئنُّ منذ أمدٍ بعيد من الزمان .
ماذا أقول يا نساء أمة محمد .. لو نظرت إليكنَّ أم عمارة وقد تهاونتنَّ في الحجاب الشرعي وآثرتنَّ ما ألقيَ إليكنَّ من الغرب عبر الفضائيات .. ...منقول