رعاية المولود الجديد من القرآن الكريم والسنة النبوية :
أولا: البشارة بالمولود:
يستحب للمسلم أن يبادر إلى مسرة أخيه المسلم إذا ولد له ولد مولود ، وذلك ببشارته وإدخال السرور عليه ، وفي ذلك تقوية للأواصر ، وتمتين للروابط ، ونشر لأجنحة المحبة والألفة بين العوائل المسلمة
عن النعمان بن بشير قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم –( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)
والقرآن الكريم ذكر البشارة بالولد في مواطن عدة قال تعالى : ) فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ) آل عمران 39
وقال أبو بكر بن المنذر في الأوسط ، وروينا عن الحسن البصري : أن رجلاً جاء إليه ، وعنده رجل قد ولد له غلام ، فقال له يهنئك الفارس فقال له الحسن : ما يدريك فارس هو أم حمار ؟ قال : فكيف تقول ؟ قال : بورك في الموهوب ، شكرت الواهب ، وبلغ أشده ورزقت بره وهذه البشارة والتهنئة تكون للذكر مثل الأنثى دون تفرقه وإشعار الأسرة انه جاءها ضيف عزيز وأنَّ أمامها مسؤولية كبيرة في تربيته .-1-
فبمجرد الولادة تزف البشرى للأهل والأقارب فيدخل السرور على الجميع بهذه المناسبة السارة وقد قال الله عز وجل في قصة إبراهيم -عليه السلام- مع الملائكة: (وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ )
أما التهنئة فلم يرد عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- نص خاص بها إلا ما قالته أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنهما-: " كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، يؤتى بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم ".-2-
ثانيا: الآذان في أذن المولود:
كان الرسول –صلى الله عليه وسلم – يؤذن في الأذن اليمنى للطفل حين ولادته ، عن أبي رافع أنه قال : رأيت رسول الله –صلى الله عليه وسلم –أذن في أذن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة -3-
قال ابن قيم الجوزية من سر التأذين :
أ) أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المتضمنه لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتلقين له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها ، وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثره به وإن لم يشعر مع ما في ذلك من فائدة أخرى.
ب) وهي هروب الشيطان من كلمات الآذان ، وهو كان يرصده حتى يولد ، فيقارنه للمحبة التي قدرها الله وشاءها فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به.
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم – ( إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين )
جـ) أن تكون دعوته إلى الله والى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان، كما كانت فطرة الله التي فطر الناس عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها ولغير ذلك من الحكم. -4-
ــــــــــــــــــــ
-1- تربية الطفل في الإسلام – سيما راتب عدنان أبو الرموز - ص24
-2-الوجيز في التربية – يوسف محمد الحسن –
-3- أطفال المسلمين كيف رباهم النبي الأمين –صله الله عليه وسلم –جمال عبد الرحمان – ص18
-4- تربية الطفل في الإسلام - سيما راتب عدنان أبو الرموز –ماجستير دراسات إسلامية
ـــــــــــــــــــــ
ثالثا : تحنيك المولود:
*تعريفه : التحنيك معناه مضغ التمرة ودلك حنك المولود بها ، وذلك بوضع جزء من الممضوغ على الإصبع ، وإدخال الإصبع في فم المولد ، ثم تحريكه يميناً وشمالاً بحركة لطيفة ، حتى يبلغ الفم كله بالمادة الممضوغة ، وإن لم يتيسر التمر فليكن التحنيك بأية مادة حلوة كالمعقود ، أو رائب السكر الممزوج بماء الزهر ، تطبيقاً للسنة ، واقتداءاً بفعله – صلى الله عليه وسلم-
*حكمه :اهتم الرسول- صلى الله عليه وسلم –بتحنيك المولود
عن أبي موسى الأشعري –رضي الله عنه- قال:(وُلد لي غلام ، فأتيت به النبي – صلى الله عليه وسلم – فسماه إبراهيم ، فحنكه بتمرة ، ودعا له بالبركة ودفعه إليّ)
قال النووي : تفق العلماء على استحباب تحنيك المولود عند ولادته بتمر فإن تغذية فما في معناه وقريب منه الحلو فيمضغ المحنك التمر حتى تصير مائعة بحيث تبتلع ثم يفتح فم المولد ويضعها فيه ليدخل شيء منها جوفه ويستحب أن يكون المحنك من الصالحين وممن يتبرك به رجلاً أو امرأة فإن لم يكن حاضراً عند المولود حمل إليه .
عن أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنهما – أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة، قالت : فخرجت وأنا مُتِمٌّ، (أي اقتربت ولادتها )أتيت المدينة ، فنزلت قباء ، فولدت بقباء ، ثم أتيت به رسول الله- صلى الله عليه وسلم – فوضعه في حجره ، ثمَّ دعا بتمره فمضغها ، ثمَّ تفل في فيه ،فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ثم حنكه بالتمرة ، ثم دعا له فبرك عليه ،وكان أول مولود في الإسلام ، ففرحوا له فرحاً شديداً ، لأنهم قيل لهم: إن اليهود قد سحرتكم فلا يولد لكم .-1-
رابعا: تسمية المولود:
لا بد - قبل - من الوقوف على حقيقة الاسم:
فقيل : مشتق من الوسم، بمعنى : العلامة، ولهذا قيل له : اسم، لأنه يسم من سمي به ويعلم عليه، وهذا في القرآن الكريم كثير، كما قال الله تعالى : ( يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا )مريم : 7
إن مما يجب أن يهم به المربى عند تسمية الولد، أن ينتقي له من الأسماء أحسنها وأجملها والتي منها عبد الله وعبد الرحمن. -2-
روى أصحاب السنن عن سمرة قال ( قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (كل غلام رهين بعقيقته ، تذبح عنه يوم سابعه ، ويسمى فيه ويحلق رأسه ) ، وفي صحيح مسلم من حديث سليمان بن المغيرة ، عن ثتبت عن أنس –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (ولد لي الليلة غلام فسميته أبي إبراهيم ).
ما يستحب من الأسماء وما يكره :
انتقاء الأسماء الحسنة والجميلة تنفيذا لما حث عليه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فقد روى أبواوود بإسناد عن أبي الدرداء –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (إنكن تدعون يوم القيامة بأسمائكم وبأسماء آبائكم ، فأحسنوا أسمائكم ) . وعن مسلم في صحيحه عن ابن عمر –رضي الله عنهما – قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (إن أحب أسمائكم إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمان ) ، قال أبوداوود غير رسول الله –صلى الله عليه وسلم- اسم العاصي ، وعزيز وعتلة ، وشيطان ، والحكم ، وغراب ، وحباب ، وبني الزَّنية سماهم : بني الرشدة ، وروى الترمذي وابن ماجة عن ابن عمر –رضي الله عنهما – أن ابنة لعمر كان يقال لها عاصية ، فسماها الرسول –صلى الله عليه وسلم- جميلة ،
كما يجب تجنب الأسماء التي فيها تشاؤم ، روى البخاري في صحيحه عن سعيد بن المسيب عن أبيه
ــــــــــــــــــــ
-1- تسمية المولود - -بكر عبد الله أبو زيد- ص12
-2- تربية الطفل في الإسلام – سيما راتب عدنان أبو الرموز- ص26
ــــــــــــــــــــ
عن جده قال: أتيت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال ما اسمك ؟ قلت : حزن ، فقال أنت سهل ، قال :لا أغير اسما سمانيه أبي ، قال ابن المسبب ، فما زالت تلك الحزونة فينا بعد ، -1-
خامسا: حلق رأس الطفل:
شرع الإسلام أن يحلق رأس الطفل يوم سابعه إيذانا بالعناية به وإزالة ما يؤذيه ، بل وشرع التصدق عنه بوزن شعر رأسه فضة . وكأن ذالك إشارة إلى فدائه بالمال وعدم التفريط فيه، فعن علي قال: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذبح عن الحسن شاة وقال: ( يا فاطمة، احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة ) فوزنته فكان درهما أو بعض درهم.2-
ومن الأحكام التي شرعها الإسلام للمولود استحباب حلق رأسه يوم سابعه والتصديق بوزنه على الفقراء والمستحقين والحكمة في ذلك تتعلق بشيئين:
الأول: حكمة صحية:لأن في إزالة شعر رأس المولود تقوية له، وفتحاً لمسام الرأس، وتقوية كذلك لحاسة البصر والشم والسمع.
الثاني: حكمة اجتماعية: لأن التصديق بوزن شعره وفضه، ينبوع آخر من ينابيع التكافل الاجتماعي، وفي ذلك قضاء على الفقر، وتحقيق لظاهرة التعاون والتراحم في ربوع المجتمع. -1-
سادسا : العقيقة :
وهي الشاه التي تذبح عنه يوم السابع من ولادته. للحديث الذي يرويه سلمان بن عمار الضبي قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: " مع الغلام عقيقة، فأريقوا عنه دماً، وأميطوا عنه الأذى ". وعن عائشة-رضي الله عنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة.
وهي سنة مستحبة على القول الراجح من أقوال أهل العلم.
أما وقت ذبحها فهو اليوم السابع من ولادة الطفل، فإن لم يتيسر في اليوم السابع جاز في أي يوم من الأيام والله تعالى أعلم.
ويجزئ منها ما يجزئ للأضحية، فمن الضأن ما لا يقل عمرها عن ستة أشهر ومن المعز ما لا يقل عن سنه، وأن تكون سليمة من العيوب.-3 –
وعن عبد الله بن بردة قال : سمعت أبي بريدة يقول ( كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ، ذبح شاة ، ولطخ بدمها ، فلما جاء الإسلام ، كنا نذبح شاة ونحلق رأسه , ونلطخه بالزعفران )
ومثله حديث يزيد بن عبد الله المزني أن النبي–صلى الله عليه وسلم – قال (يعق الغلام ولا يمس رأسه بدم)-2-
سابعا: الختان للذكور
تعريفه: الختان: هو إزالة الجلدة الموجودة على رأس الذكر، وهو من سنن الفطرة المباركة الواردة في الشرع، وله فوائده الصحية الكثيرة، فمنها: أنه يقلل من أسباب الإصابة بمرض السرطان الخبيث،
ــــــــــــــــــــ
-1- تربية الأولاد في الإسلام ، عبد الله ناصح العلوان، ج 1 ،75-79
-2- تربية الطفل في الإسلام – سيما راتب عدنان أبو الرموز-ص29
-2-أطفال المسلمين كيف رباهم النبي الأمين –صله الله عليه وسلم –جمال عبد الرحمان- ص31 – ص26
-3-الوجيز في التربية – يوسف محمد الحسن –
ــــــــــــــــــــ
ويقلل من سلس البول الليلي الذي يكثر عند الأطفال،إلى جانب أنه يجنب الطفل كثرة العبث بأعضائه التناسلية، إذ إن هذه الجلدة إذا لم تقطع تثير الأعصاب التناسلية وتدعو إلى حكها ومداعبتها. ولا داعي للختان إذا ولد الصبي مختوناً.كما أنه ليس للختان سنة في عمل حفل أو جمع الناس وإنفاق الأموال.-1-
-حكمه : عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط ".-2-
* الحكمة الدينية:أنها رأس الفطرة وشعار الإسلام وعنوان الشريعة.
أنه من تمام الحنفية التي شرعها الله على لسان إبراهيم -عليه السلام-
يميز المسلم من غيره من إتباع الديانات والملل الأخرى.
أنه إقرار بالعبودية لله، والامتثال لأوامره والخضوع لحكمة وسلطانه
* الحكمة الصحية:
أنه يجلب النظافة والترتيب وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة
أنه تدبير صحي عظيم يقي صاحبه كثيراً من الأمراض والإختلاطات.
يقول د. صبري القباني في كتابه حياتنا الجنسية: وفي الختان بعض الفوائد نذكر منها:
بقطع القلفه يتخلص المرء من المفرزات الدهنية ، ويتخلص من السيلان الشحمي المقزز للنفس ويحال دون إمكان التفسخ والإنتان
يتخلص المرء من خطر انحباس الحشفه أثناء التمدد.
يقلل الختان إمكان الإصابة بالسرطان
تجنيب الطفل من الإصابة بسلس البول الليلي
يخفف الختان من كثرة استعمال العادة السرية لدى البالغين"
إن التبكير بالختان يحمي الطفل من الإصابة بتضييق فوهة مجرى البول Phimosis، وكذلك الآلام والمضاعفات التي قد تنتج عنها كاحتباس البول."
ثامنا: الرضاعة إلى الحولين والفطام:
* تعريفها:أرضعت الأم: كأن لها ولد ترضعه. والولد جعلته يرضع ، فهي مرضع ومرضعه والجمع مراضع وفي التنزيل العزيز :( وحرمنا عليه المراضع من قبل ) القصص آية 12
والرضاع : هو مص الطفل اللبن من ثدي المرأة في أول حولين بعد الولادة
* حكمها : قال تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد ان يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) البقرة أية 233
قال سيد قطب : " والله يفرض للمولود على أمه أن ترضعه حولين كاملين لأنه -سبحانه وتعالى- يعلم أن هذه الفترة هي المثلى من جميع الوجوه الصحيحة والنفسية للطفل ،...، وللوالدة في مقابل ما فرضه الله عليها، حق على والد الطفل : أن يرزقها ويكسوها بالمعروف والمحاسنة، فكلاهما شريك في التبعة وكلاهما مسؤول اتجاه هذا الصغير الرضيع هي تمده باللبن والحضانة وأبوه يمدها لاغذاء والكساء لترعاه وكل منهما يؤدي واجبه في حدود طاقته. -3-
ــــــــــــــــــــ
-1- التربية الجنسية-د.عدنان بحارث-http://www.bahareth.org/index.php
-2-الوجيز في التربية – يوسف محمد الحسن –
3-تربية الطفل في الإسلام – سيما راتب عدنان أبو الرموز- ص 33 - ص34
ـــــــــــــــــــ
تم بحمد الله الموضوع
أسأل الله أن أكون قد أفدتكم